اتسع عجز التجارة السلعية فى الولايات المتحدة وقفز إلى مستويات قياسية فى يناير الماضى، فى ضوء هرولة العديد من الشركات إلى الشراء بنهم من إمدادات السلع الأجنبية والمعادن قبيل تطبيق زيادات الرسوم الجمركية المتوقعة التى أعلن عنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فور تنصيبه.
ونقلت صحيفة (فاينانشيال تايمز) عن بيانات وزارة التجارة الأمريكية، أن الفجوة بين الصادرات والواردات السلعية قفزت في يناير لتصل إلى 153 مليار دولار، وهو ما يزيد على 25% عن الشهر السابق عليه، مشيرة إلى أن هذا العجز يتجاوز إلى حد بعيد تقديرات خبراء اقتصاديين توقعوا بلوغه 116 مليار دولار، وفق مسح أجرته “بلومبيرج”.
وتعكس الأرقام ميل الشركات الأمريكية إلى تكثيف مشترياتها من السلع عبر الحدود في مسعى للتهيؤ للرسوم الجمركية المتوقع فرضها على أقرب الدول الشريكة تجارياً للولايات المتحدة بما فيها كندا والمكسيك والصين والاتحاد الأوروبي، على حد قول محلليين.
وأضافوا أن من بين الدوافع التي حثت الشركات على ذلك، كانت شحنات سبائك الدهب إلى داخل الولايات المتحدة.
من جانبه، وصف الخبير الاقتصادي في مؤسسة (آي إن جي) جيمس نايتلي، اتساع العجز التجاري السلعي “بأنه زيادة شاملة… كما تعكس أن هناك الكثير من التجار والمصنعين في الولايات المتحدة قلقون للغاية حيال سلاسل الإمدادات ويريدون استباق التهديدات لأي تعريفات جمركية”.
في حين ارتفعت الصادرات الأمريكية على أساس موسمي معدل بنسبة 2% خلال يناير مقارنة بالشهر الذي سبقه، فإن الواردات قفزت بنسبة 11%، حسب البيانات الأخيرة المعلن عنها. كما قفزت واردات الإمدادات الصناعية بنسبة قاربت 33%.
وأشار محللون إلى أن النماذج الجغرافية الكاملة للتبادل السلعي في الولايات المختلفة لم يعلن عنها بعد، بيد أنهم قالوا، إن هناك احتمالاً أن تكون البيانات المعلن عنها تعززت بالارتفاع الحاد في شحنات الذهب من أوروبا إلى نيويورك وسط مخاوف بأن ترامب سيفرض رسوما جمركية على السبائك الذهبية.. وتوقع محللون في (جولدمان ساكس) أن هذا يتحول هذا الأثر على البيانات “بسرعة نسبياً”، مع صدور نماذج البيانات المتكاملة للتبادل السلعي.
ووفق حسابات أجرتها (فاينانشيال تايمز) فإن قيمة الذهب المخزن في بورصة نيويورك للسلع “كوميكس”، قفزت بصورة حادة بنحو 25 مليار دولار في يناير، نظراً لقيام المتداولين بشحن المعدن الأصفر من لندن وتحريكه صوب نيويورك قبيل زيادات الرسوم الجمركية المحتملة.
كما ارتفعت السلع الاستهلاكية على نحو حاد في يناير وقفزت بنسبة 10%، حسب البيانات التي أعلنتها وزارة التجارة الأمريكية، رغم أن واردات السيارات ارتفعت بنسبة متوسطة بلغت 2 %.
وعلى صعيد أنشطة الموانئ الأمريكية… حققت مواني لوس أنجليس ولونج بيتش في كاليفورنيا- أنشط ميناءين لاستقبال الحاويات في الولايات المتحدة- أرقاماً قياسية في يناير باعتباره الشهر الأكثر ازدحاماً. وقال ميناء لونج بيتش، في كاليفورنيا، إن الزيادة كانت “مدفوعة بشكل كبير؛ بسبب قيام التجار بتحريك وزيادة الشحنات قبل الرسوم المتوقع فرضها على الصين والمكسيك وكندا”.
وتضاعفت واردت الألواح الكهروضوئية وغيرها من معدات الطاقة الشمسية أربعة أمثال ما بين ديسمبر ويناير لتصل إلى 59 ألف حاوية معيارية معادلة لقياس 20 قدم، وفق وكالة (إيمبورت جينيوس) المعنية بجمع البيانات التجارية.
وقالت شركة “فيرست سولار”، المصنعة لمعدات الطاقة الشمسية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، لمحللين إن إيجارات المستودعات شهدت ارتفاعاً بسبب “الارتفاع الحاد للواردات في ظل سعي المصنعين لتخفيف مخاطر الرسوم الجمركية المتوقعة في أعقاب انتخابات نوفمبر”.
كان ترامب أعلن هذا الأسبوع، أنه سيواصل ضغوطه لفرض رسوم بمعدلات 25% على منتجات الاتحاد الأوروبي. وكان قد فرض فعلياً رسوماً نسبتها 10 في المائة على الصين، وكرر تهديداته بفرض تعريفات جمركية على كندا والمكسيك.. وتبدو في الأفق المزيد من زيادات الرسوم الجمركية على الصين، علاوة على التعريفات الجمركية التبادلية على دول أخرى في أنحاء متفرقة من العالم بحلول فصل الربيع.
وقلل العديد من المديرين التنفيذيين الأمريكيين من مخاوف تلك الزيادات في الرسوم الجمركية.
وقال رئيس القطاع المالي في شركة (هوم ديبوت) ريتشارد ماكفيل: “لقد عايشنا ذلك من قبل، ولدينا سجل قياسي وعظيم للعمل مع الموردين للتأكيد على أننا سنبقى حاسمين قدر الإمكان بشأن القيمة”.. مضيفا “حتى تلك اللحظة، رغم ذلك، فإننا لا نعرف ما هي النسبة التي ستفرض أو على أي منتجات”.