تصاعدت موجة الاحتجاجات ضد قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، حيث يتصيد البعض ما يعتقدون أنها أخطاء، ويتخذونها بوابة للهجوم على البطريرك، متعللين أنهم يدافعون عن إيمانهم الأرثوذكسي، ويرون أن البابا يتهاون في مسألة العقيدة، رغم أنه أظهر في مواقف كثيرة حرصه ودفاعه عن إيمان الآباء.
صفحات ومواقع محسوبة على الأقباط تبنت هجوما حادا على البابا تواضروس، وتوجيه انتقادات طالت أغلب تحركاته وزياراته وتصريحاته، حتى أن البعض توقع أن يكون هناك أساقفة بالمجمع المقدس، يقفون خلف تلك الهجمات، خاصة أنها مدعومة بمعلومات لا يعرفها سوى المقربون.
خلف صفحات تشير من أسمائها إلى دفاع أصحابها عن الكنيسة، توارى أناس بـ«أسماء وهمية»، يعملون جاهدين على زعزعة ثقة الشعب القبطي في البطريرك، وذلك منذ اللحظة الأولى لجلوسه على كرسي مارمرقس.
وصل الهجوم على البابا إلى وصفه بـ«البابا المحروم في الكنيسة»، بل وتخطى الهجوم الحدود حتى وصل إلى أنه يظهر عكس ما يبطن، هذا بخلاف تشكيكهم في وقت السابق بالقرعة الهيكلية، مدعين أن هناك تدخلات ما حدثت لتأتي بـ«تواضروس»، على رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
الحرية التي أتاحتها مواقع التواصل الاجتماعي، كانت بالنسبة للكنيسة «الجريمة» بعينها، حين تصل الحرية إلى حد التطاول والخوض في أعراض أساقفة وكهنة، بل ووصل الأمر إلى توجيه اتهامات للبابا.
في المقابل تطوع أساقفة بالدفاع عن قداسة البابا تواضروس، ربما لقربهم منه، أو دفاعا عن رمز الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهو ما فسره البعض على أنها محاولة لاسترضاء البطريرك لنيل بعض البركات والعطايا التي يوزعها البابا على المقربين.
الأنبا ديفيد أسقف نيويورك، يعد أحد أهم المدافعين عن البابا تواضروس، حيث يعرف بدفاعه المستميت عن الكنيسة الأرثوذكسية، بل واعتبر المسيح نفسه «أرثوذكسيا»، زاعما أنه في الماضي لم يكن هناك طوائف، وهو ما جعل أسقف نيويورك يفترض أن المسيح «أرثوذكسيا».
أسقف نيويورك في دفاعه عن البابا تواضروس، قال إنه إنسان وليس معصوما من الخطأ، وقد لا تروق جميع تصرفاته للبعض، مشدد على أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية «مجمعية»، أي لا يتخذ فيها القرار منفردا، وهو ما ينفي تهمة تطويع قرارات الكنيسة عن البطريرك.
الأنبا ديفيد يرى أن هناك بعضا من أبناء الكنيسة يعملون ضدها في «الضلمة»، وهو ما اعتبره، نوعا من التعالي، والتمرد على تعاليم الكنيسة، ومخالفة لمبدأ «الخضوع»، الذي شب عليه أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ودعا المعارضين الذين يشيعون أن الكنيسة تحتاج لتجديد إلى تقديم مقترحاتهم، ونوال بركة القبول.
وتخطى الأنبا ديفيد أسقف نيويورك فكرة الدفاع عن البابا تواضروس الثاني، وراح يضع قواعد وينشر تعاليم من شأنها تطويع أبناء الكنيسة، حيث زعمت إحدى الصفحات المحسوبة على الأقباط أن الأنبا ديفيد دافع عن فكرة أن «طاعة الأسقف من طاعة الرب»، مشيرا إلى أنه كان بالإمكان استخدام سلاح الحرمان، لكنه اكتفى بالصلاة من أجلهم.
والأنبا ديفيد هو أسقف الكنيسة الأرثوذكسية بنيويورك، ويعني اسمه «المحبوب»، ولد بمحافظة القاهرة عام 1967، هاجر مع أسرته إلى كندا في عام 1984، وتخرج من كلية العلوم قسم الأحياء جامعة تورينتو، وترهب بدير الأنبا بيشوى العامر بوادى النطرون عام 1995، قضى فترة من فترات الخدمة بـ«برينجهام»، ثم رُسم أسقفا على يد بطريرك الأقباط الأرثوذكس الراحل البابا شنودة الثالث عام 1999.
وحصل الأنبا ديفيد على درجة الماجستير في علم اللاهوت، ودرجة الماجستير في «المشورة» من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
بدأت رحلة صعود الأنبا ديفيد بعد قرار البابا تواضروس الثاني، بانتدابه نائبا بابويا بمقر رئاسة الكنيسة في نيوجيرسي، مع حق الإشراف الكامل روحيا وماليا وإدرايا على جميع الكنائس في الولايات التي لا تخضع لرعاية أساقفة الإيبارشية القبطية في أمريكا، وتضم إيبارشية نيويورك وولايات نيو أنجيلند، 7 ولايات وبها 24 كنيسة و34 كاهنا.
يؤمن الأنبا ديفيد بنظرية المؤامرة، حيث يعتبر أن الداعين إلى «اللاطائفية»، يرغبون في استقطاب شباب الكنيسة الأرثوذكسية إلى البروتستانتية، باستخدام مصطلحات متعارف عليها في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، يرى أن هناك خطة محكمة لاصطياد شباب الأرثوذكسية.
يرى البعض أن أسقف نيويورك، يدعم البابا تواضروس في مواجهة المهاجمين له، نوعا من «الرد الجميل»، بعد أن عينه نائبا بابويا، وتلاحظ التضامن الكبير من قبل الأنبا ديفيد، للبطريرك، بعد واقعة مقتل الأنبا إبيفانيوس، أسقف ورئيس دير الأنبا مقار بوادي النطرون، أعلن خلالها ما يمكن تسميته «مبايعة البابا»، حيث كتب «نؤكد لابوتكم وقوفنا خلف غبطتكم وتعضيد قداستكم فى القرارات الحكيمة التى أصدرتموها مع اللجنة المجمعية لشئون الاديرة والرهبنة لتنظيم الحياة الرهبانية فى اديرتنا العامرة».
وأضاف «أن الايام والاحداث والمواقف القوية تؤكد لنا عناية السماء بنا حين أختارتكم للسدة المرقسية , أننا أولادكم الخاضعين لكم بلا استثناء لتدبيركم الروحى الحكيم لقيادة الكنيسة.. نرفع ايدينا فى الصلاة لكى يعضدكم الروح القدس ويحفظ الرب حياتكم لنا سنين كثيرة وأزمنة هادئة».