أعلن العمدة المنتخب لمدينة نيويورك زهران مامداني، يوم الأربعاء 6 نوفمبر 2025، عن تشكيلة فريق انتقاله السياسي والتي تتألف من قياديات نسائية حصراً، في خطوة تاريخية تمهد الطريق لتوليه منصبه رسمياً في الأول من يناير 2026. وفي أول مؤتمر صحفي له بعد فوزه الساحق على الحاكم السابق أندرو كومو والجمهوري كيرتس سليوا، أكد مامداني البالغ من العمر 34 عاماً أنه ينتقل من «شعر الحملات الانتخابية» إلى «نثر الحكم الجميل»، وأن فريقه سيعمل على ترجمة الوعود الانتخابية إلى سياسات فعلية خلال 57 يوماً فقط.
يتألف فريق الانتقال من خمس نساء ذوات خبرة واسعة في الحكومة المحلية، وهن: نائبة العمدة الأولى السابقة ماريا توريس-سبرينغر، رئيسة منظمة «يونايتد واي» في نيويورك غرايس بونيلا، الرئيسة السابقة للجنة التجارة الفيدرالية لينا خان البالغة من العمر 36 عاماً والمعروفة بملاحقتها لشركات التكنولوجيا العملاقة، ونائبة العمدة السابقة ميلاني هارتزوغ، إضافة إلى قيادية خامسة من المسؤولين المحليين. ويعد اختيار لينا خان بشكل خاص مثيراً للجدل، حيث اشتهرت بمواقفها الصارمة ضد احتكارات الشركات الكبرى مثل أمازون وميتا وغوغل خلال فترة عملها في لجنة التجارة الفيدرالية من 2021 إلى 2024.
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم الأربعاء، قالت خان أمام حشد من الحاضرين الذين استقبلوا كلامها بتصفيق حاد: «ما شهدناه الليلة الماضية لم يكن مجرد انتخاب عمدة جديد لنيويورك، بل كان سياسة واضحة ترفض أن تتحكم الشركات الكبرى والأموال في حياتنا، وتفويض واضح للتغيير». أما مامداني فأكد أن إدارته ستكون «قادرة ورحيمة» وأن الأولوية ستكون لتلبية احتياجات ملايين سكان نيويورك العاملين. كما أعلن أنه فتح بوابة إلكترونية لاستقبال طلبات التوظيف من جميع سكان المدينة، بما في ذلك المنظمين المجتمعيين وخبراء السياسات والموظفين الحكوميين ذوي الخبرة، في خطوة وصفها بأنها تعبير عن الشفافية والالتزام بالتحالف المتنوع الذي أوصله إلى الفوز.
يشكل هذا الإعلان نقطة تحول حاسمة في مسار السياسة الأمريكية، حيث يعد مامداني أول عمدة مسلم لمدينة نيويورك، وأول من ينحدر من أصول جنوب آسيوية، وأول من ولد في أفريقيا، وأصغر عمدة للمدينة منذ أكثر من قرن. وهو أيضاً اشتراكي ديمقراطي علني، مما يثير قلق الأوساط المالية وقطاع التكنولوجيا في وول ستريت، خاصة مع تعيينه للينا خان التي عرفت بصرامتها ضد الشركات الكبرى. وقد أشار مسؤولون في شركات التكنولوجيا التي لها حضور كبير في نيويورك -مثل غوغل وميتا وأمازون- إلى أن تعاون مامداني مع خان قد يكون إشارة تحذيرية لسياسات تنظيمية أكثر صرامة.
بالنسبة للجاليات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة، يمثل فوز مامداني لحظة تاريخية تثبت إمكانية الوصول إلى أعلى المناصب السياسية رغم التحديات. وقد أكد مامداني في تصريحاته أنه يدرك الانقسامات في المدينة وأن خصومه السياسيين أنفقوا أكثر من 40 مليون دولار لمنع فوزه، لكنه استطاع الفوز بفضل تحالف واسع من الناخبين الشباب والطبقة العاملة. وقال في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز: «أريد توضيح التفويض الذي حصلنا عليه في هذا الانتخاب، وهو تنفيذ الأجندة التي خضنا حملتنا على أساسها»، مؤكداً أن فوزه يمثل «تفويضاً للتغيير» وليس مجرد انتقال سلطة عادي.
أما على الصعيد العملي، فإن التحدي الأكبر الذي يواجه مامداني هو ترجمة وعوده الطموحة إلى واقع ملموس، بما في ذلك تجميد الإيجارات في الوحدات السكنية المدعومة حكومياً، وإلغاء رسوم وسائل النقل العامة، وتوفير رعاية الأطفال المجانية. ولتنفيذ هذه السياسات، سيحتاج مامداني إلى التعاون مع قيادات الولاية لزيادة الضرائب على الأثرياء، وهو ما سيواجه مقاومة شديدة من قطاع الأعمال. كما أنه سيضطر للتعامل مع إدارة ترامب المعادية، التي هددت بتقليص التمويل الفيدرالي للمدن التي تتبنى سياسات تقدمية.
الخلفيات القانونية والمدنية والسياسية
يتولى عمدة مدينة نيويورك منصبه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، وهو يدير واحدة من أكبر الميزانيات الحكومية المحلية في الولايات المتحدة التي تبلغ حوالي 100 مليار دولار سنوياً. ويخضع العمدة لسلطة مجلس المدينة المؤلف من 51 عضواً، كما أن صلاحياته محدودة في بعض المجالات بقوانين الولاية، خاصة فيما يتعلق بالضرائب والإسكان. ولذلك، فإن تنفيذ أجندة مامداني الاشتراكية سيتطلب موافقة حاكم الولاية والمجلس التشريعي في ألباني، عاصمة نيويورك، وهو ما قد يشكل عقبة كبيرة أمام طموحاته.
من الناحية السياسية، يمثل فوز مامداني تحولاً كبيراً في الحزب الديمقراطي الأمريكي، حيث تمكن جناح اليسار التقدمي من هزيمة الجناح الوسطي الممثل بكومو، رغم دعم الأخير من قبل الرئيس ترامب وقادة قطاع الأعمال. وقد وصفت منظمة «الاشتراكيون الديمقراطيون الأمريكيون» (DSA) في نيويورك فوز مامداني بأنه «تفويض واضح لأجندة اشتراكية ديمقراطية تهدف إلى جعل نيويورك ميسورة التكلفة للجميع». ومن المتوقع أن يعتمد مامداني على المحاكم للتصدي لمحاولات إدارة ترامب لتقويض سياساته، كما فعلت مدن أخرى مثل لوس أنجلوس وسان فرانسيسكو.
أما بالنسبة لاختيار فريق الانتقال النسائي بالكامل، فإنه يعكس التزام مامداني بالتنوع والشمولية، وهو ما يتماشى مع قاعدته الانتخابية التي شملت نسبة كبيرة من النساء والأقليات. ورغم أن مامداني لم يعلن بعد عن تعيين أعضاء من منظمة DSA في إدارته، إلا أن مصادر داخل الحركة أكدت أنهم متحمسون لإمكانية الحصول على نفوذ داخل قاعة المدينة. وقد صرح مامداني في مقابلة أنه «يتطلع إلى إشراك كل عضو في تحالفه في عملية الانتقال»، مشيراً إلى أن «التحالف الذي أوصلني إلى هنا قام بعمل كبير وكان في طليعة النضال من أجل الكرامة داخل الحزب الديمقراطي للطبقة العاملة».
«نيويورك نيوز» هو الاسم التجاري المسجَّل رسميًا لشركة NEW YORK NEWS IN ARABIC LLC، وهي مؤسسة إعلامية مرخَّصة في ولاية نيوجيرسي (رقم التسجيل 0451351808). يقدّم الموقع تغطية شاملة للأحداث الأمريكية وتحليلات معمّقة بلغة عربية دقيقة ومهنية، موجهة للجاليات العربية في الولايات المتحدة والعالم. يمكنكم متابعة الصفحة الرسمية على فيسبوك عبر الرابط: New York News in Arabic.






