رفعت منظمات حقوقية وطنية بارزة دعوى قضائية ضد الحكومة الفيدرالية الأمريكية، متهمة إياها بتحويل قاعات محاكم الهجرة، التي من المفترض أن تكون أماكن آمنة تضمن الإجراءات القانونية الواجبة، إلى «مصائد» لاعتقال المهاجرين الذين يحضرون جلساتهم طواعية. وتستهدف الدعوى، التي رفعها كل من «LatinoJustice PRLDEF» و«المجلس الأمريكي للهجرة» (American Immigration Council)، أربع وكالات حكومية هي: وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE)، ووزارة الأمن الداخلي (DHS)، ووزارة العدل (DOJ)، والمكتب التنفيذي لمراجعة شؤون الهجرة (EOIR).
وتزعم الدعوى أن هذه الوكالات، منذ 20 مايو 2025، انخرطت في «جهد منسق» لاعتقال غير المواطنين الذين يمثلون أمام المحاكم في جلسات استماع خاصة بقضاياهم. وتصف المنظمات هذه الممارسة بأنها «إشكالية للغاية»، لأنها تقوض الثقة في النظام القضائي وتثني الأفراد عن السعي للحصول على حقوقهم القانونية.
شرح للسياق القانوني: الإجراءات القانونية الواجبة و«الإبعاد المعجل»
لفهم خطورة هذه الادعاءات، من الضروري شرح مفهوم «الإجراءات القانونية الواجبة» (Due Process) في القانون الأمريكي. إنه مبدأ دستوري يضمن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وإشعار مناسب بالتهم الموجهة إليه وفرصة للدفاع عن نفسه أمام قاضٍ محايد. وعندما يتم اعتقال شخص داخل قاعة المحكمة أثناء محاولته ممارسة هذا الحق، فإن ذلك يخلق تأثيرًا مخيفًا، حيث قد يخشى الآخرون الحضور إلى المحكمة خوفًا من الاعتقال، وبالتالي يتنازلون عن حقهم في جلسة استماع عادلة.
بالإضافة إلى ذلك، تتهم الدعوى محاميي وكالة ICE بالضغط على قضاة الهجرة لرفض القضايا وتحويل الأفراد إلى مسار «الإبعاد المعجل» (expedited removal). والإبعاد المعجل هو عملية سريعة تسمح للحكومة بترحيل بعض غير المواطنين دون جلسة استماع كاملة أمام قاضي هجرة، مما يقلل بشكل كبير من الحماية القانونية المتاحة لهم ويغلق الباب أمامهم للحصول على إقامة دائمة.
دعوى قضائية لكشف الحقيقة بعد تجاهل طلبات المعلومات
جاءت هذه الدعوى بعد أن تجاهلت الوكالات الحكومية أو أخرت الرد على 11 طلبًا للحصول على معلومات بموجب «قانون حرية المعلومات» (Freedom of Information Act – FOIA). وقانون FOIA هو قانون فيدرالي أمريكي يمنح الجمهور الحق في طلب الوصول إلى سجلات الوكالات الحكومية، وهو أداة حيوية للصحفيين والباحثين والمواطنين لضمان الشفافية ومساءلة الحكومة.
وقد طلبت المنظمات معلومات أساسية حول الاعتقالات التي تتم في محيط المحاكم، والمراسلات بين الوكالات التي تنسق هذه الأنشطة. ولكن، على سبيل المثال، ادعى المكتب التنفيذي لمراجعة شؤون الهجرة (EOIR) أنه لا يمكنه العثور على أي توجيهات أصدرها للقضاة بشأن هذه الممارسات، على الرغم من تسريب نسخة من هذه التوجيهات للجمهور.
وقال كريس أوبيلا، محامي الشفافية في المجلس الأمريكي للهجرة: «للجمهور الحق في معرفة ما يفعله EOIR وICE خلف الأبواب المغلقة». وأضافت سكاي بيريمان، الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة «Democracy Forward»، التي تقاضي الحكومة بشكل منفصل في هذه القضية: «لا يمكن للإدارة إخفاء التوجيهات التي تحول محاكم الهجرة إلى مصائد وتسرّع عمليات الترحيل دون جلسات استماع عادلة. الشفافية هي الضمانة الأولى ضد إساءة استخدام السلطة، ونحن في المحكمة للمطالبة بالمساءلة».