خلال ظهوره قبل أربعة أشهر، دأب فيروس كورونا على الظهور بوجهين، وبائي وسياسي. الوجه الأول يأخذ شكل الفتك المباشر من خلال آلاف الإصابات ومئات آلاف الوفيات فضلاً عن حبس الملايين في البيوت. وأما الوجه السياسي فيأخذ شكل صراع سياسي، وخصوصاً بين الولايات المتحدة والصين التي يرشحها كثير من المراقبين والخبراء للعب دور المنقذ للعالم من هذه الجائحة، فضلاً عن توقعات بقيادتها المشهد العالمي ما بعد «كورونا».
وتناول المحلل السياسي الروسي فلاديمير سكوسيريف، في صحيفة في «نيزافيسيمايا غازيتا»، الحرب الإعلامية بين بكين وواشنطن حول «كورونا»، وانتصارات رأى أن الصين تحققها فيها.
يقول سكوسيريف، حسب قناة «روسيا اليوم»: بالنسبة للصين والولايات المتحدة، أصبح الفيروس التاجي أداة للصراع على قيادة العالم. تقول بكين إن بنية الدولة الصينية هي التي مكّنت من التعامل مع العدوى بنجاح، وجميع الافتراضات عن إخفاء معلومات عن حجم الانتشار محض خيال.
وفيما خفف الاتحاد الأوروبي من انتقاداته لبكين في الإعلام، تحت الضغط الصيني. لا تتخلى واشنطن عن اتهاماتها لبكين. علاوة على ذلك، فقد قرر الحزب الجمهوري الأمريكي وضع تعرية السياسة الصينية في قلب استراتيجيته الانتخابية. وتفعل واشنطن كل ما تستطيعه لإقناع العالم والأمريكيين أنفسهم بمسؤولية بكين عن مآسيهم.
وتنقل «نيزافيسيمايا غازيتا» عن كبير باحثي معهد الولايات المتحدة وكندا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير باتيوك، قوله لها: «قبل أربعة أشهر، كانوا يتوقعون نصراً مظفراً لترامب في الانتخابات. كان الاقتصاد مزدهراً والبطالة آخذة في الانخفاض. وهنا، جاءت مفاجأة فيروس كورونا، والأزمة الاقتصادية، وانهيار أسعار النفط، الذي ضرب الاقتصاد الأمريكي أيضاً. يمكن أن يكون لهذه العاصفة برمّتها أسوأ العواقب السلبية على ترامب، فلا يبقى سوى اتهام الصين بكل شيء».
بكين، بدورها، لا تترك للدعاية الأمريكية أن تهدأ. فسفراء الصين في الخارج، يشاركون في الهجمات المضادة بشكل متزايد. فعلى سبيل المثال، حذر السفير الصيني في السويد الصحافة المحلية من تناول الأطروحة الأمريكية، قائلاً: «خذوا بعين الاعتبار أنّ من يرفع حجراً علينا، فسوف يسقط على قدميه».
من الواضح أنها لغة غير دبلوماسية، ولكن بكين تمكنت في بعض الأحيان من التأثير في منتقديها الغربيين. وكما أفادت صحيفة «هيل»، كان الاتحاد الأوروبي على وشك إصدار بيان قاسٍ بشأن التضليل المزعوم الذي نشرته بكين، فهددت الصين بخفض الرعاية الطبية لأوروبا، وتم تخفيف نص بيان الاتحاد الأوروبي.
معاناة وإنقاذ
الصين كانت وحدها تعاني «كورونا»، في شهره الأول، ولكنها انتصرت على الوباء سريعاً، وأصبحت بنظر كثيرين، الأمة «المنقذة» لأوروبا، وربما للعالم.
وهذا ما عبرت عنه كلمات الرئيس الصيني شي جين بينغ لرئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، حين قال له منتصف الشهر الماضي إن «أشعة الشمس تأتي بعد العاصفة»، مطمئناً الأخير بأن الصين مستعدة للتعاون مع إسبانيا لمحاربة تفشي المرض.
في مارس، بدأت الصين بمد يد العون لعدد من الدول الأوروبية الأكثر تضرراً، وركّزت وسائل إعلامها الرسمية، على رحلات بالطائرات والقطارات تحمل مساعدات إلى أوروبا. المساعدات الصينية وصلت مدناً في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا واليونان وبلغاريا وسلوفينيا وبلجيكا وأوكرانيا.
رئيس صربيا
وأدلى رئيس صربيا أليكساندر فوتشيتش، الشهر الماضي بتصريحات مشحونة بالعواطف إذ قال إن الصين هي «الأمل الوحيد» لأوروبا في محنتها التاريخية، مضيفاً «حين تشتد المحنة ليس لك إلا الصين». وأضاف: «كلكم تعرفون الآن أن التضامن الدولي غير موجود حقاً. التضامن الأوروبي لا وجود له. لقد كانت قصة جميلة على الورق. ولكنني اليوم أرسلت برسالة خاصة للدولة الوحيدة التي تستطيع مساعدتنا، وهي الصين».
الرئيس الصيني من جانبه عبّر عن استعداد بلاده لفتح «خط طبي» بين الصين وأوروبا، لإرسال المساعدات الطبية، وبذلك قد تكون الصين الأمل الأخير لأوروبا، للخروج من أزمة أنهكت «القارة العجوز».