وكالات
اكتشف العلماء أن فيروس (كورونا) على غرار فيروسات البرد، قادر على تغيير طبقته السطحية، ومن ثمّ يمكنه الإفلات من ردّ الجسم المناعي.
والفارق الوحيد بين هذين النوعين من الفيروسات، يتجلى في أن فيروسات البرد تقوم بذلك بوتيرة أسرع من فيروس (كورونا) أربع مرات، وهذا خبر مفرح.
لكن ما يدعو إلى القلق أن وتيرة التحوّل لدى فيروس سارس-كوف2 (المصطلح العلمي لفيروس (كورونا) المستجّد)، هي أسرع بكثير مما هو عليه الأمر لدى باقي الفيروسات التاجية، وفقا لتصريحات رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى شارتيه في برلين، البروفيسور كريستيان دروستن.
وما يقلق العلماء، أن هذه الوتيرة تزداد كل ما زادت نسبة الإصابات، ولهذا من الضروري جدّا حدوث عملية تطعيم جماعية، كحلٍّ جوهري لكسر نشاط الفيروس وكبح تحولاته وبالتالي منع نشوء سلالات متحوّرة جديدة، وفق ما نقل موقع (دوتشيه فيله).
وأمام ظهور السلالة البريطانية وجنوب الإفريقية وحتى سلالة آمازون التي ظهرت في الآونة الأخيرة، يخشى العلماء من أن اللقاحات المتوفرة لن تصمد أمام تحولات الفيروس القادمة، خاصة بعدما اتضح للجميع أن عملية تطعيم غالبية سكان الأرض أمر لن يتحقق إلا بعد سنوات على الأرجح.
ليس هذا فحسب، بل إن ظهور أنواع جديدة من السلالات يعني أيضا أنه حتى الأشخاص الذين تلقوا سلفا أحد اللقاحات المتوفرة ليسوا بمأمن لمجرد أنهم حصلوا على التطعيم، بل عليهم تجديده مثلهم مثل غيرهم.
النقطة الأخيرة بالذات كانت موضوع دراسة قام بها قسم الأمراض المعدية في مستشفى شاريته البرليني، بحثا عن ردّ على سؤال عمّا إذا كان لقاح واحد كافيا أم يجب تجديد كل مرة.
وقارن العلماء بين تطور الفيروسات التاجية وبين فيروسات الإنفلونزا المعروفة بتأقلمها الشديد مع الردّ المناعي لجسم الإنسان، وهو ما يستدعي تطعيما سنويا يستجيب لمتغيرات الفيروس المتواصلة حتى تضمن مناعة الجسم.
في دراستهم اعتمد الأطباء على نوعين غير خطيرين من الفيروسات التاجية ويتعلق الأمر بالنوع المسمى علميا بـ (229E) والثاني بـ (OC43). وكلاهما على احتكاك مع الجسم البشري لأكثر من 40 عاما، وبالتالي هما أكثر الفيروسات التاجية دراسة من قبل الخبراء. وقد تمت المقارنة بينهما وبين فيروس الإنفلونزا H3N2، من حيث تحول جين-سبايك مفتاح دخول الفيروس إلى الخلية.
النتيجة التي توصل إليها الأطباء في برلين أن تحولات عرفها جين-سبايك مع مرور الوقت هي متشابهة بين النوعين، ما دفعهم إلى الاعتقاد أننا سنكون بحاجة إلى تطعيم دوري ضد فيروس (كورونا) المستجد سنويا على الأرجح، على أمل أن يطول الفارق الزمني بين اللقاحات بعد مدة، كما تشير إلى ذلك نتائج الدراسة المنشورة في مجلة (Virus Evolution) العلمية.
حقيقة تعاطت معها بسرعة الشركات المنتجة للقاحات ضد فيروس (كورونا) المستجّد، وذلك بالعمل على تجديد لقاحاتها بعد ظهور نسخة جنوب إفريقيا، حسب معهد شاريتيه الذي يشدد على ضرورة إجراء متابعة مستمرة لمدى فاعلية اللقاح خاصة في ظل معدلات إصابات مرتفعة، كما هو الأمر في الموجة الثالثة للوباء، و”إن اقتضت الحاجة لا بد من تعديل اللقاحات وباستمرار”.
أننا سنكون بحاجة إلى لقاح مرة كل سنة ضد (كورونا) المستجد، فرضية لم تحسم فيها الدراسة الجديدة بشكل قطعي، ولهذا من المنتظر أن تبدأ المرحلة الثانية التي ستعتمد تحديدا على (كوف-سار2) حتى يتسنى للعلماء تحديد ما إذا كان هذا الفيروس الذي قتل أكثر من مليوني شخص حول العالم منذ ظهوره قبل أزيد من عام قادر على التحايل وباستمرار على المناعة المكتسبة من اللقاح.