في مواجهة الخسائر البشرية والاقتصادية الهائلة الناجمة عن وباء فيروس كورونا المستجد، تتصاعد الدعوات للمطالبة بمساءلة الصين ومطالبتها بدفع تعويضات فلكية، بسبب مسؤوليتها المفترضة عن تفشي الفيروس في العالم.
وفي أحدث تطورات هذه القضية، أعلن المدعي العام لولاية ميزوري، في وسط الولايات المتحدة، الثلاثاء، رفع دعوى قضائية ضد بكين، حيث يزعم الرجل المناصر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه يتصرف دفاعاً عن سكان الولاية الذين عانوا من «خسائر بشرية ومادية فادحة» مع تسجيل 6 آلاف حالة إصابة وأكثر من 200 وفاة.
وقال المدعي إريك شميت «خلال الأسابيع الأولى من الوباء، خدعت السلطات الصينية الجمهور، وكثفت رقابتها على المعلومات، واعتقلت المبلغين، ونفت انتقال العدوى البشرية على الرغم من الأدلة الواضحة بشكل متزايد، ودمرت البحوث الطبية، ما تسبب في تفشي العدوى وانتشار الوباء، وهو أمر كان يمكن تجنبه».
وتعد هذه الشكوى الأولى من نوعها الصادرة عن هيئة عامة، واكتفى الجانب الصيني ممثلاً في المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، بالرد عليها بوصفها بـ«الدعوى السخيفة».
هل يوجد جهة مختصة
وفي تقرير لصحيفة «لوتان» السويسرية، حول إمكانية مقاضاة الصين بسبب تفشي الوباء حول العالم، أكد أستاذ القانون الدولي في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف، مارسيلو كوهين، أن المشكلة تكمن في عدم وجود جهاز قضائي دولي مختص يسمح لأي بلد برفع دعوى من هذا النوع ضد الصين، موضحاً أنه ولكي تتمكن محكمة العدل الدولية، وهي الهيئة المسؤولة عن تسوية النزاعات بين البلدان المختلفة، من النظر في القضية، يجب أن تحصل على موافقة الدول المعنية بتسوية النزاع.
ولفت إلى أن هذا الأمر يبدو مستحيلاً في الوقت الحالي، حيث لا تعترف الصين ولا الولايات المتحدة باختصاص هذه المحكمة.
أما المحكمة الجنائية الدولية، فتختص بملاحقة الأفراد لا الدول، مضيفاً أن توجيه الاتهام بدلاً من دولة الصين إلى الرئيس شي جين بينغ أمام هذه المحكمة، يعد أمراً صعباً كذلك، حيث لم تصادق واشنطن ولا بكين على قانون روما الذي يعد النظام الأساسي للجنائية الدولية.
ولفت أستاذ القانون الدولي إلى أن هناك طريقاً ثالثاً وهو الإجراءات الجماعية المدنية، على غرار تلك التي أطلقها محامون أمريكيون، والتي تضاعف عددها مؤخراً في محاكم فلوريدا ونيفادا وكاليفورنيا.
وقلّل مارسيلو كوهين من إمكانية نجاح أي من هذه الجهود، قائلاً: «ليس لدى شكاوى الأفراد إلى المحاكم المحلية أي فرصة للنجاح، لأن الصين يمكنها الاحتجاج بحصاناتها من الولاية القضائية»، وحتى إذا أدانت المحكمة الصين، فإنه من المستحيل تنفيذ القرار.
3000 مليار دولار
وشغلت قضية مسؤولية الصين القانونية عن تفشي الوباء حيزاً واسعاً من النقاش الدائر عالمياً حول الفيروس المستجد، الذي أطلق عليه ترامب اسم «الفيروس الصيني»، فيما دعت أستراليا إلى تحقيق دولي مستقل في ظروف نشأة الوباء، وطالبت عدة دول من ألمانيا إلى فرنسا وبريطانيا، الصين بمزيد من الشفافية في الموضوع.
ووصل الأمر إلى تحديد مبالغ بأرقام فلكية على الصين دفعها للمتضررين حول العالم، حيث حددت جمعية هنري جاكسون، وهي مؤسسة فكرية بريطانية محافظة، مبلغ 3000 مليار دولار، فيما أرسلت صحيفة «بيلد» الألمانية فاتورة إلى بكين بنحو 161 مليار دولار للتعويض لألمانيا عن أضرار الفيروس.
ويقول مارسيلو كوهين: «إن الوضع ينذر بحرب قانونية شاملة، لافتاً إلى عدم وجود أي سابقة لتعويضات مقدمة بسبب تفشي أي وباء».