تؤكد صحيفة إندبندنت (The Independent) البريطانية أن حيل الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقدراته على التلاعب بالإعلام لن تنفعه بعد أن تراجعت شعبيته في استطلاعات الرأي.
وقالت إن ذلك يجعل عودته مجددا للبيت الأبيض، بعد 100 يوم -وهو موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل- أمرا صعبا للغاية.
وترى الصحيفة -في تقرير للكاتب باتريك كوكبيرن (Patrick Cockburn)- أن تراجع شعبية ترامب بسبب تعاطيه “الكارثي” مع أزمة فيروس كورونا، لم يكن مفاجئا.
وتشير إلى أن سر نجاحه الدائم في البقاء داخل المشهد السياسي هو مهارته في التلاعب بوسائل الإعلام لمصلحته الخاصة، حيث يتمتع بقدرة “تشبه قدرة مصاص الدماء الأسطوري الشهير دراكولا على الخروج من القبر” السياسي.
ويؤكد كاتب التقرير أن ترامب قد يبدو أسلوبه قذرا لكنه خبير في تغيير موضوعات الساعة، حيث بمقدوره تحويل أي اكتشاف أو معلومة تضعه في قفص الاتهام وأمام نيران الانتقاد اليوم خبرا باليا لا يلتفت إليه أحد في اليوم التالي.
ويضيف أن ترامب يهيمن -من خلال تصرفاته الصادمة والغريبة- على عناوين الأخبار، ومهما بلغت إخفاقاته فلا يبدو مملا أبدا.
قد تبدو أيضا تصريحاته وتغريداته غريبة الأطوار أو مجنونة -بحسب الصحيفة- لكنها في الحقيقة “عناوين أخبار” تم اختيارها بعناية لمنحه دعاية أكبر غالبًا من قبل الصحف وشبكات التلفزيون التي تمقته.
ويدرك الصحفيون جيدا أنهم يرقصون على أنغام ترامب لكنهم لا يملكون الكثير للقيام به حيال ذلك.
ويعزو النقاد -وهو تقدير في محله بحسب الصحيفة- قدرة ترامب الفائقة دوما، إلى استقطاب الأنظار طوال 14 عاما قضاها في لعب دور رجل الأعمال القوي في برنامج تلفزيون الواقع الشهير “المتدرب” (The Apprentice).
وقد أدلى ريتشارد ليفاك، وهو طبيب نفساني عمل مستشارا للبرنامج، قبل عدة سنوات بتصريح لافت لمجلة ذي نيويوركر (The New Yorker) الأميركية شرح فيه سبب كون شخصية ترامب مناسبة للعرض.
وجاء في تصريحه أن “السمات التي اختير من أجلها ترامب لهذا الدور هي الطاقة والاندفاع وعدم قدرته على التعبير عن فكرة كاملة بسبب العواطف، لذلك عندما يتحدث يتفوه فقط بأوصاف من قبيل عظيم وضخم وفظيع.. لكن ما جعله فعلا جذابا للجمهور -وهو أمر صحيح بحسب الصحيفة حتى يومنا هذا- هو رغبته الدائمة في تجاوز وخرق القواعد”.
ويرى تقرير إندبندنت أن عفوية ترامب “المضطربة” وسلوكه غير المتوقع جعلا إلى اليوم أي ظهور تلفزيوني له بالضرورة مثيرا للاهتمام، لكن تعاطيه مع أزمة فيروس كورونا جعلت “صندوق حيله السياسية” أقل إغراء للأميركيين، كما فعل حين دعاهم لحقن أنفسهم بالمعقمات للتعافي من الوباء.
ويضيف أنه بصرف النظر عن قدرة ترامب الفريدة على التلاعب بوسائل الإعلام، فإنه يمتلك أيضا معظم سمات القادة الشعبويين والقوميين والسلطويين في أرجاء العالم.
فقد سعى لشيطنةٍ عنصرية للأقليات في داخل أميركا وللأجانب في الخارج، كما يتعامل بازدراء مع ممثلي الشعب المنتخبين والخبراء والمتعلمين جيدًا، ودوما ما تعطي تصريحاته ومواقفه انطباعا بوجود شبهات فساد وبالمبالغة والرغبة في استخدام العنف.
لكن الرئيس الأميركي يكون في أخطر حالاته -بحسب الصحيفة- عندما يحشر في الزاوية وعندما يشعر بخطر فقدان السلطة، حيث يبحث حينئذ عن المواجهة في كل مناسبة تتاح له.
واتضح هذا الأمر داخل الولايات المتحدة حين ظهرت عنصريته بشكل أوضح في طلبه نشر عناصر الحرس الوطني للتصدي للمتظاهرين، لإشعال اشتباكات تبرر شعاره “القانون والنظام”. أما في الخارج، فقد أطلق ترامب “حربا باردة” ضد العملاق الصيني لا تنفك عن التصاعد يوما بعد يوم.