يبدو أن دوائر السلطة داخل الولايات المتحدة على موعد مع موجة عالية من التصعيد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة نوفمبر المقبل، وزيادة حدة التراشق بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى خلال الأشهر القليلة الماضية، وبعد الأزمة التى اختلقتها مجلة “ذا اتلانتيك” وادعاءها سخرية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب من الجنود الأمريكيين ضحايا الحرب العالمية، ونفى مسئولين أمريكيين تلك الادعاءات، شن ترامب هجومًا حادًا على قادة الجيش الأمريكى فى مؤتمر صحفى مساء الاثنين، واتهمهم باستهدافه، مؤكدًا فى الوقت نفسه أن كافة الجنود يقدرون دوره ويدعموه.
وبحسب تقرير نشرته شبكة سى أن إن الأمريكية، اتهم ترامب خلال المؤتمر قادة البنتاجون باستهدافه من أجل تعزيز أرباح شركات الصناعات الدفاعية، قائلًا: “لا أقل أن الجيش لا يحبنى، فالجنود يحبوننى، لكن كبار القادة فى البنتاجون ليسوا كذلك على الأرجح لأنهم لا يريدون أن يفعلوا شيئا سوى خوض الحروب حتى تظل كل هذه الشركات الرائعة التى تصنع القنابل والطائرات وتصنع كل شىئ أخر، سعيدة”.
وأشارت الشبكة إلى أن تصريحات ترامب غير العادية جاءت بينما أخبر العديد من مسئولى الدفاع الأمريكيين “سى أن إن” أن العلاقات بين الرئيس وقادة البنتاجون قد أصبحت متوترة بشكل متزايد، كما جاءت بعد جهود من قبل ترامب لإقناع الرأى العام بأنه لم يدلى بالتصريحات المهينة عن رجال ومحاربى الجيش الأمريكى التى نشرتها مجلة “ذى أتلانتك” الأسبوع الماضى.
وقالت “سى أن إن” أن مسئول رفيع المستوى سابق بالإدارة قد أكد لها أن ترامب قد أشار للجنود الأمريكيين القتلى فى مقبرة بفرنسا بألفاظ وقحة ومهينة، وذلك خلال زيارته للبلد الأوروبى فى نوفمبر 2018 للاحتفال بالذكرى المائة لنهاية الحرب العالمية الأولى.
بينما أكدت وسائل إعلام أخرى ما ورد فى تقرير “ذى أتلانتك”، فإن البيت الأبيض وترامب نفيا بشدة، وأعرب البعض عن قلقه من أن اتهامات ترامب الأخيرة لكبار قادة الجيش قد يكون لها تأثير ضار. ويقول جون كيربى، الضابط المتقاعد بالبحرية الأمريكية ومحلل “سى أن إن”، أن تصريحات ترامب عن دوافع قادة الجيش ليس فقط تحط من خدماتهم وخدمات من يقودهم، وإنما يضفى مصداقية على الازدراء والمراعاة الذى يحاول إنكارهما، ولم يرد البنتاجون على طلب التعليق على تصريحات ترامب.
وتشير الشبكة الأمريكية إلى أن ترامب استخف علنا من قبل بخدمة العديد من المحاربين القدامى البارزين، منهم السيناتور الراحل جون ماكين ووزير دفاعه السابق الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، إلا أن الانتقادات الأخيرة تمثل مستوى جديد يستهدف من عينهم لتنفيذ أوامره، وروج ترامب مرارا لزيادة ميزانية الدفاع باعتبارها أحد الإنجازات الرئيسية لإدارته، مشيرا إلى ذلك كدليل على دعمه للجيش والإنفاق الذى أفاد أيضا مقاولى الدفاع.
وكانت “سى أن إن” قد أشارت فى تقارير سابقة إلى توتر العلاقة بين ترامب ووزير الدفاع مارك إسبر، واعتقادات بأن ترامب على وشك تغييره. لكن قبل أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية، فإن كبار قادة البنتاجون يشعرون بقلق متزايد بشأن علاقتهم مع الرئيس، بحسب ما قال عدد من مسئولى وزارة الدفاع.
أحد أسباب القلق هو الطريقة التى سيرد بها البنتاجون لو استخدم ترامب قانون يسمح بنشر الجيش الأمريكى فى الشوارع للتعامل مع الاحتجاجات المدنية. وكان ترامب قد طرح الفكرة فى الشهر الماضى، بعدما هدد بها لأول مرة فى يونيو الماضى. وأعلن إسبر معارضته لهذه الفكرة، ولتجنب مواجهة جديدة مع البيت الأبيض، على الأقل فى الأسابيع القليل الماضية، كان كبار قادة الجيش ومنهم الجنرال مارك مايلى، رئيس هيئة الأركان المشتركة يحصلون على إحاطات منتظمة حول الاضطرابات المدنية فى المدن الأكبر حول البلاد، وكانت الفكرة هى الاستعداد بخطط بديلة للحرس الوطنى ووكالات تنفيذ القانون الفيدرالية الأخرى بدلا من قوات الجيش.
ومن القضايا الأخرى التى قد تؤدى إلى صدام بين ترامب وقادة الجيش مشرع قانون دفاعى قيمته 740 مليار دولار سيجرد أسماء جنرالات الكونفيدرالية فى ظل معارضة حادة من ترامب، الذى قال إنه سيستخدم حق النقض ضد أى خطوة فى هذا الإطار.