العرب والعالمالولايات المتحدة

الولايات المتحدة تنضم للحرب ضد إيران: ترامب يعلن ضربات على مفاعلات نووية إيرانية

في تطور مفاجئ وغير مسبوق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم السبت، الموافق 21 يونيو 2025، أن الجيش الأمريكي قد شن ضربات جوية على ثلاثة مواقع نووية رئيسية داخل إيران. يمثل هذا الإعلان نقطة تحول حاسمة، إذ يشير إلى انضمام مباشر للولايات المتحدة إلى الحملة الجوية التي تقودها إسرائيل منذ أكثر من أسبوع بهدف “قطع رأس” البرنامج النووي الإيراني.

وصف ترامب هذه العملية العسكرية بأنها “ناجحة للغاية” و”لحظة تاريخية” للولايات المتحدة وإسرائيل والعالم، موجهاً نداءً مباشراً إلى طهران للموافقة على “إنهاء هذه الحرب”. كما أكد الرئيس الأمريكي أن جميع الطائرات المشاركة في الضربات قد عادت بأمان إلى قواعدها خارج المجال الجوي الإيراني. ومن المتوقع أن يلقي ترامب خطاباً للأمة من البيت الأبيض في وقت لاحق من مساء السبت، في تمام الساعة العاشرة مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، لتقديم المزيد من التفاصيل حول هذه الخطوة الجريئة.   

يأتي هذا القرار الأمريكي بعد أسبوع من الضربات الجوية الإسرائيلية المكثفة التي استهدفت بشكل منهجي الدفاعات الجوية الإيرانية وقدراتها الصاروخية الهجومية، بالإضافة إلى إلحاق أضرار بمنشآت تخصيب اليورانيوم. وقد أشار مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إلى أن القاذفات الشبح الأمريكية، بقدرتها على حمل قنابل اختراق التحصينات التي تزن 30 ألف رطل (حوالي 13,500 كيلوغرام)، توفر أفضل فرصة لتدمير المواقع النووية الإيرانية شديدة التحصين والمدفونة عميقاً تحت الأرض.  

هذا التحول في السياسة الأمريكية تجاه إيران يعد أمراً لافتاً، خاصة وأن الرئيس ترامب قد وصل إلى البيت الأبيض على وعد بإبقاء بلاده بعيداً عن الصراعات الخارجية المكلفة، بل وسخر سابقاً من قيمة التدخل الأمريكي. قرار الانخراط المباشر هذا يشير إلى أن الضغوط الإسرائيلية، وربما التقييمات الاستخباراتية الجديدة حول مدى تقدم البرنامج النووي الإيراني، قد تجاوزت اعتباراته السياسية الداخلية السابقة. هذا لا يمثل تصعيداً خطيراً في الصراع الإقليمي فحسب، بل يعيد أيضاً تعريف الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، وقد يشير إلى أن الإدارة الأمريكية ترى أن المساعي الدبلوماسية قد استنفدت خياراتها أو أنها لم تعد كافية لاحتواء طموحات طهران النووية.   

وصف ترامب للضربات بأنها “لحظة تاريخية” ليس مجرد تعبير بلاغي، بل هو محاولة لترسيخ هذا العمل كحدث مفصلي يغير قواعد اللعبة في المنطقة. الهدف من وراء هذا الوصف يتجاوز مجرد تدمير المنشآت؛ إنه يهدف إلى إرسال رسالة ردع قوية لإيران والمجتمع الدولي، مفادها أن الولايات المتحدة عازمة على منع طهران من امتلاك سلاح نووي بأي ثمن. هذه “اللحظة التاريخية” قد تُفسر على أنها محاولة لفرض واقع جديد على إيران، يدفعها إلى طاولة المفاوضات بشروط أمريكية-إسرائيلية، أو كإعلان عن مرحلة جديدة من المواجهة المفتوحة. هذا التطور يضع المنطقة بأسرها على حافة صراع أوسع، ويختبر قدرة الأطراف المعنية على احتواء تداعياته الخطيرة.

تفاصيل الضربات الأمريكية والأهداف النووية الإيرانية

أكد الرئيس ترامب أن الضربات الأمريكية استهدفت ثلاثة مواقع نووية إيرانية حيوية: فوردو، ونطنز، وأصفهان. وقد تركز الهجوم بشكل خاص على منشأة فوردو (Fordo)، التي وصفها ترامب بأنها الموقع الأساسي الذي استهدف بـ”حمولة كاملة من القنابل”. من المعروف أن منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم مدفونة عميقاً داخل جبل، مما يوفر لها حماية كبيرة ضد الهجمات الجوية. لم يتضح على الفور حجم الضرر الذي سببته هذه الضربات أو مدى تأثيرها الفعلي على البرنامج النووي الإيراني، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن تتضح النتائج الكاملة.

فيما يتعلق بالأسلحة المستخدمة، أشار ترامب إلى استخدام قاذفات B-2 الشبح، لكنه لم يحدد أنواع القنابل التي أُسقطت. ومع ذلك، سبق أن أشار مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إلى أن قنابل اختراق التحصينات التي تزن 30 ألف رطل (13,500 كيلوغرام) هي الأداة الأكثر فعالية لتدمير المواقع النووية المحصنة تحت الأرض.   

لتقديم صورة أوضح عن الأضرار التي لحقت بالمواقع النووية الإيرانية، يمكن تلخيص التقييمات الأولية للوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) قبل الإعلان الأمريكي الكامل عن ضرب فوردو:

الموقع النووي الإيراني نوع المنشأة الأضرار المبلغ عنها (من الضربات الإسرائيلية/الأمريكية) تقييم الوكالة الدولية للطاقة الذرية (التلوث، حالة التشغيل)
نطنز منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية والتجريبية تدمير البنية التحتية الكهربائية (محطة فرعية، مبنى إمداد الطاقة، مولدات طوارئ). أضرار جسيمة في قاعات الشلالات تحت الأرض. تلوث إشعاعي وكيميائي داخل المنشأة، لا يوجد تأثير إشعاعي خارجي. خطر استنشاق/ابتلاع اليورانيوم المتطاير.  

فوردو منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية (60%) أعلن ترامب استهدافها بحمولة كاملة من القنابل في 21 يونيو. في 20 يونيو، لم تكن الوكالة على علم بأي أضرار. (ملاحظة: بيان الوكالة كان قبل إعلان ترامب بيوم واحد)  

أصفهان مختبر كيميائي، محطة تحويل يورانيوم، مصنع وقود مفاعل، منشأة معالجة يورانيوم معدني تضررت أربعة مبانٍ. لا زيادة في مستويات الإشعاع خارج الموقع. القلق الرئيسي هو السمية الكيميائية.  

خنداب (أراك) مفاعل مياه ثقيلة (قيد الإنشاء) ومصنع إنتاج مياه ثقيلة تم ضرب المفاعل في 19 يونيو. أضرار في مبانٍ رئيسية بمصنع إنتاج المياه الثقيلة القريب. المفاعل لم يكن يعمل ولا يحتوي على مواد نووية، لذا لا يتوقع عواقب إشعاعية.  

مركز أبحاث طهران وورشة كرج منشآت إنتاج أجهزة الطرد المركزي تم ضرب منشأتين لإنتاج أجهزة الطرد المركزي. لا يوجد تأثير إشعاعي داخلي أو خارجي.  

إن توقيت إعلان ترامب عن ضرب فوردو، بعد يوم واحد فقط من إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية عدم علمها بأي ضرر هناك، يشير إلى سرعة وتنسيق العملية الأمريكية. هذا التوقيت قد يكون متعمداً لزيادة عنصر المفاجأة والضغط على طهران، أو ربما جاء رداً على معلومات استخباراتية جديدة حول تطورات في فوردو لم تكن متاحة للوكالة. هذا التوقيت يثير تساؤلات حول فعالية المراقبة الدولية في ظل تصاعد التوترات، ويؤكد أن القرارات العسكرية قد تتخذ بناءً على معلومات أسرع وأكثر حساسية من تلك التي تُتاح للوكالات المدنية. كما يعكس إلحاحاً أمريكياً-إسرائيلياً لوقف البرنامج النووي الإيراني بشكل حاسم.

تركيز “الحمولة الكاملة من القنابل” على فوردو يؤكد على الأهمية الاستراتيجية لهذا الموقع في البرنامج النووي الإيراني. فوردو، بكونها مدفونة عميقاً تحت الأرض، تتطلب قدرات اختراق خاصة، مما يشير إلى أن الهدف هو إلحاق ضرر دائم بالقدرة الإيرانية على التخصيب، خاصة وأن فوردو هي الموقع الرئيسي لتخصيب اليورانيوم إلى 60%. استهداف فوردو يرسل رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة لن تتسامح مع قدرة إيران على إنتاج يورانيوم عالي التخصيب، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بتصعيد إقليمي. هذا قد يدفع إيران إلى إعادة تقييم استراتيجيتها النووية، أو قد يدفعها إلى تسريع برنامجها النووي في مواقع سرية أو غير معلنة.  

تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تلوث إشعاعي وكيميائي داخل نطنز وأصفهان، ولكن ليس خارجياً ، تشير إلى أن الضربات كانت “جراحية” إلى حد ما، أو أن تصميم المنشآت احتوى التلوث الأولي. ومع ذلك، فإن وجود التلوث الداخلي يمثل خطراً على العمال الإيرانيين ويُعقد أي محاولات لإعادة تشغيل المنشآت. هذا الجانب من التقرير قد يستخدمه الجانب الأمريكي-الإسرائيلي لتبرير “دقة” عملياتهم وتقليل المخاوف من كارثة بيئية واسعة النطاق. ومع ذلك، فإن المخاطر لا تزال قائمة على المدى الطويل، خاصة إذا استمرت الضربات أو إذا تم استهداف مفاعلات عاملة مثل بوشهر.  

سياق التصعيد: من الدبلوماسية إلى المواجهة العسكرية

 

يأتي قرار الولايات المتحدة بالانضمام المباشر إلى العمليات العسكرية ضد إيران بعد أكثر من أسبوع من الضربات الإسرائيلية التي استهدفت بشكل منهجي الدفاعات الجوية الإيرانية وقدراتها الصاروخية الهجومية، بالإضافة إلى إلحاق أضرار بمنشآت تخصيب اليورانيوم. وقد أعلنت إسرائيل بوضوح أنها ستواصل عمليتها العسكرية “لأطول فترة ممكنة” بهدف القضاء على ما تعتبره “تهديداً وجودياً” لبرنامج إيران النووي وترسانتها من الصواريخ الباليستية، مشيرة إلى أن جيشها يستعد لـ”حملة طويلة الأمد”.  

لفهم هذا التصعيد، من الضروري استعراض تاريخ المفاوضات والاتفاق النووي الإيراني، المعروف رسمياً بالخطة الشاملة المشتركة للعمل (JCPOA). تم إبرام هذا الاتفاق في يوليو 2015 لمعالجة المخاوف الدولية بشأن برنامج إيران النووي، حيث التزمت طهران بموجبه بالحد من أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. إلا أن الرئيس دونالد ترامب انسحب من هذا الاتفاق في عام 2018 وأعاد فرض العقوبات، مما دفع إيران إلى تجاوز الحدود المتفق عليها لتخصيب اليورانيوم. وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لإحياء الاتفاق بعد انتخاب الرئيس جو بايدن، إلا أن الوضع ظل متوتراً وغير مستقر. كان ترامب قد أعرب في السابق عن أمله في أن يهدد استخدام القوة قادة إيران للتخلي عن برنامجهم النووي سلمياً.  

إن تحول موقف ترامب من تجنب التدخلات العسكرية إلى الانخراط المباشر يثير العديد من التساؤلات. فترامب الذي فاز بالبيت الأبيض على وعد بإبقاء أمريكا خارج الصراعات الأجنبية المكلفة، وسخر في كثير من الأحيان من قيمة التدخل الأمريكي ، قرر فجأة الانضمام إلى العمليات العسكرية. قبل هذا القرار، كان ترامب قد أقنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرتين، في أبريل وأواخر مايو، بتأجيل العمل العسكري ضد إيران وإعطاء الدبلوماسية مزيداً من الوقت. كما أن إدارته بذلت جهوداً دبلوماسية غير ناجحة لمدة شهرين، بما في ذلك مفاوضات مباشرة رفيعة المستوى مع الإيرانيين، لإقناع طهران بكبح برنامجها النووي. بل إن ترامب أشار يوم الجمعة، قبل يوم واحد فقط من إعلان الضربات، إلى أنه سيستغرق أسبوعين لاتخاذ قرار نهائي بشأن قصف المواقع النووية الإيرانية لإعطاء الدبلوماسية فرصة.   

لكن يبدو أن الرئيس ترامب اتخذ القرار النهائي – بتحريض من المسؤولين الإسرائيليين والعديد من المشرعين الجمهوريين – بأن العملية الإسرائيلية قد “مهدت الأرض” وقدمت فرصة ربما لا مثيل لها لتعطيل برنامج إيران النووي، وربما بشكل دائم. هذا يشير إلى أن الضغط الخارجي والداخلي كان عاملاً حاسماً في تغيير مسار سياسته. “تمهيد الأرض” من قبل العمليات الإسرائيلية ربما خلق نافذة فرص لم تكن موجودة من قبل، أو أزال أي ترددات متبقية لدى ترامب. هذا يكشف عن ديناميكية معقدة بين الحلفاء، حيث يمكن لحملة عسكرية من طرف واحد أن تجر طرفاً آخر إلى صراع أوسع. كما أنه يسلط الضوء على نفوذ اللوبيات والسياسات الداخلية في تحديد مسار السياسة الخارجية الأمريكية، خاصة في منطقة حساسة مثل الشرق الأوسط. هذا قد يؤدي إلى تآكل الثقة في المساعي الدبلوماسية المستقبلية إذا ما اعتُبرت مجرد تمهيد لعمل عسكري.  

إن ربط العمل العسكري مباشرة بفشل المسار الدبلوماسي، كما أشار ترامب الذي كان مكرساً للدبلوماسية وأعطاها فرصة، يوفر تبريراً سياسياً لهذه الخطوة. هذا النمط، حيث يتم استنفاد الخيارات الدبلوماسية (أو يُعلن عن استنفادها) قبل اللجوء إلى القوة العسكرية، يمكن أن يصبح سابقة خطيرة في العلاقات الدولية. إنه يقلل من الحوافز للدبلوماسية الحقيقية على المدى الطويل، حيث قد ترى الأطراف أن المفاوضات هي مجرد مرحلة انتقالية نحو المواجهة الحتمية. كما أنه يزيد من الشكوك حول نوايا الأطراف في المفاوضات المستقبلية، مما يجعل التوصل إلى حلول سلمية أكثر صعوبة.   

المفاعلات النووية الإيرانية: القدرات والمخاطر

يعود تاريخ البرنامج النووي الإيراني إلى الخمسينيات، عندما بدأ إنتاج الطاقة النووية في البلاد بدعم من الولايات المتحدة. توقف هذا التقدم مع قيام الثورة الإيرانية عام 1979، لكنه استؤنف بقوة بعد حرب إيران-العراق في الثمانينات، بمساعدة علماء روس. تصر إيران على أن برنامجها النووي يهدف لأغراض سلمية، لكنها تظل الدولة الوحيدة غير الحائزة للأسلحة النووية التي تخصب اليورانيوم حتى مستوى 60%. على النقيض، يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك برنامج أسلحة نووية، على الرغم من أنها لم تعترف بذلك قط.  

يكشف تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في مايو 2025 عن تفاصيل مقلقة حول تقدم البرنامج النووي الإيراني:

مستوى التخصيب الكمية (كتلة اليورانيوم/U mass) معدل الإنتاج الشهري (كتلة اليورانيوم/U mass) المواقع الرئيسية
إجمالي المخزون المخصب 9247.6 كجم (زيادة 953.2 كجم)  

60% يورانيوم عالي التخصيب (HEU) 408.6 كجم  

37.5 كجم  

فوردو، نطنز  

20% يورانيوم منخفض التخصيب (LEU) 274.5 كجم (انخفاض 332.3 كجم)  

14.2 كجم  

فوردو  

5% يورانيوم منخفض التخصيب (LEU) 5508.8 كجم (زيادة 1853.4 كجم)  

558 كجم  

نطنز  

أما بالنسبة لأجهزة الطرد المركزي، فقد تم تركيب ما يقرب من 14,689 جهاز طرد مركزي متطور في نطنز وفوردو، معظمها في مصنع تخصيب الوقود بنطنز. ويبلغ العدد الإجمالي لأجهزة الطرد المركزي المركبة حوالي 21,900 جهاز (بما في ذلك أجهزة IR-1 القديمة)، مع تزايد عدد أجهزة الطرد المركزي العاملة إلى حوالي 18,000 جهاز خلال الفترة المشمولة بالتقرير. وتضم منشأة فوردو 6 شلالات من أجهزة IR-1 القديمة و10 شلالات من أجهزة IR-6 الأكثر تقدماً ، بينما تم تركيب 36 شلالاً من IR-1، و39 شلالاً من IR-2m، و23 شلالاً من IR-4، و3 شلالات من IR-6 في القاعة A1000 بنطنز.   

تشير تقديرات “نقطة الاختراق” (Breakout Estimates) إلى قدرة إيران على تحويل مخزونها الحالي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% إلى 233 كجم من اليورانيوم المستخدم في الأسلحة (WGU) في غضون ثلاثة أسابيع في منشأة فوردو لتخصيب الوقود، وهو ما يكفي لتسعة أسلحة نووية (بافتراض 25 كجم من WGU لكل سلاح). ويمكن لإيران إنتاج أول 25 كجم من WGU في فوردو في غضون يومين إلى ثلاثة أيام فقط. وتشير التقديرات إلى أن المنشأتين معاً (فوردو ونطنز FEP) يمكنهما إنتاج ما يكفي من WGU لـ 11 سلاحاً نووياً في الشهر الأول، و15 سلاحاً في نهاية الشهر الثاني، و19 سلاحاً في نهاية الشهر الثالث. ويُعتبر اليورانيوم المخصب بنسبة 60% خطراً كبيراً لـ”نقطة الاختراق”، حيث يمثل 99% من الطريق إلى 90% من اليورانيوم المستخدم في الأسلحة من حيث متطلبات التخصيب.   

تواجه الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحديات كبيرة في مراقبة البرنامج الإيراني. فقد فقدت الوكالة “استمرارية المعرفة” فيما يتعلق بإنتاج ومخزون أجهزة الطرد المركزي، والمياه الثقيلة، ومركزات خام اليورانيوم، بسبب إزالة إيران لمعدات المراقبة. كما أن قرار إيران بسحب تعيين العديد من المفتشين ذوي الخبرة يؤثر بشكل خطير على قدرة الوكالة على التحقق من الأنشطة النووية الإيرانية. وتؤكد الوكالة أنه لا يوجد مبرر مدني لإنتاج إيران لليورانيوم المخصب بنسبة 60%، خاصة بالمستويات الحالية. ولا تستطيع الوكالة معرفة عدد أجهزة الطرد المركزي الإضافية التي صنعتها إيران وخزنتها أو نشرتها في موقع غير معلن، مما يثير مخاوف جدية.   

إن الأرقام الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مايو 2025 تظهر بوضوح أن إيران كانت تتقدم بسرعة في تخصيب اليورانيوم وتركيب أجهزة الطرد المركزي، مما قلص بشكل كبير “وقت الاختراق” اللازم لإنتاج مواد قابلة للانشطار. هذا التقدم المتسارع، خاصة في إنتاج اليورانيوم بنسبة 60% الذي لا يوجد له استخدام مدني مبرر، هو السبب الجذري للمخاوف الأمريكية والإسرائيلية. فشل الدبلوماسية في كبح هذا التقدم أدى إلى تفضيل الخيار العسكري. هذا يشير إلى أن المجتمع الدولي كان يواجه “سباقاً مع الزمن” لوقف البرنامج النووي الإيراني. الضربات العسكرية هي محاولة لـ”إعادة ضبط الساعة” أو تعطيل هذا التقدم. ومع ذلك، فإنها قد تدفع إيران إلى تسريع جهودها في الخفاء أو الانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT)، مما يزيد من خطر الانتشار النووي في المنطقة.  

تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن فقدان “استمرارية المعرفة” وسحب تعيين المفتشين تشير إلى تآكل قدرة الوكالة على التحقق من الطبيعة السلمية للبرنامج الإيراني. هذا، بالإضافة إلى تجاوز إيران لحدود التخصيب بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، يضعف بشكل مباشر معاهدة عدم الانتشار النووي (NPT) التي تُعد حجر الزاوية في النظام النووي العالمي. التهديد الإيراني بالانسحاب من NPT هو نتيجة مباشرة لهذا التوتر. إذا انسحبت إيران من NPT، فسيكون ذلك ضربة قوية للنظام العالمي لعدم الانتشار، وقد يشجع دولاً أخرى في المنطقة على السعي لامتلاك أسلحة نووية، مما يؤدي إلى “سلسلة انتشار”. هذا يهدد بانهيار النظام النووي العالمي ويجعل المنطقة أكثر خطورة بكثير.  

تحذيرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومخاطر التسرب الإشعاعي

لقد أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، مراراً وتكراراً أن المنشآت النووية “يجب ألا تُهاجم أبداً”. ودعا غروسي إلى “أقصى درجات ضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد”، محذراً من أن أي عمل عسكري يعرض سلامة وأمن المنشآت النووية للخطر “يخاطر بعواقب وخيمة على شعب إيران والمنطقة وما بعدها”. وقد عقدت الوكالة اجتماعاً استثنائياً لمجلس محافظيها في 16 يونيو 2025 لمناقشة الوضع المتدهور ، مؤكدة أنها كانت تراقب الوضع عن كثب منذ بدء الهجمات الإسرائيلية قبل أسبوع.  

في بيانه لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 20 يونيو 2025، قدم غروسي تقييماً مفصلاً للأضرار التي لحقت بالمواقع النووية الإيرانية:

  • نطنز: تعرضت البنية التحتية الكهربائية للتدمير، ولحقت أضرار جسيمة بقاعات الشلالات تحت الأرض. وقد تم الكشف عن تلوث إشعاعي وكيميائي داخل المنشأة، لكن لم يكن هناك تأثير إشعاعي خارجي. ورغم أن اليورانيوم المتطاير يشكل خطراً جسيماً إذا استنشق أو ابتلع، إلا أنه يمكن إدارته بإجراءات وقائية مناسبة.  
  • فوردو: حتى تاريخ 20 يونيو، لم تكن الوكالة على علم بأي أضرار في فوردو. (تجدر الإشارة إلى أن هذا البيان صدر قبل يوم واحد من إعلان الرئيس ترامب عن استهداف فوردو).   
  • أصفهان: تضررت أربعة مبانٍ في أصفهان، ولم تسجل زيادة في مستويات الإشعاع خارج الموقع. 
  • مفاعل خنداب للمياه الثقيلة (أراك): تم ضرب هذا المفاعل، الذي لا يزال قيد الإنشاء، في 19 يونيو. وبما أنه لم يكن يعمل ولا يحتوي على مواد نووية، فلا يتوقع حدوث عواقب إشعاعية. ومع ذلك، لحقت أضرار بمبانٍ رئيسية في مصنع إنتاج المياه الثقيلة القريب. 
  • مركز أبحاث طهران وورشة كرج: تم ضرب منشآت إنتاج أجهزة الطرد المركزي في هذين الموقعين، ولم يكن هناك تأثير إشعاعي
    يظل القلق الأكبر للوكالة الدولية للطاقة الذرية هو محطة بوشهر للطاقة النووية. شدد غروسي على أن بوشهر هي الموقع الذي يمكن أن تكون فيه عواقب الهجوم أخطر ما يكون، لأنها محطة طاقة نووية عاملة تستضيف آلاف الكيلوغرامات من المواد النووية. وحذر من أن “ضربة مباشرة قد تؤدي إلى إطلاق كمية عالية جداً من النشاط الإشعاعي في البيئة”. كما أن تعطيل خطي الكهرباء الوحيدين اللذين يغذيان المحطة قد يتسبب في انصهار قلب المفاعل، مما يؤدي إلى إطلاق إشعاعي كبير. في أسوأ السيناريوهات، ستتطلب هذه الأحداث إجراءات وقائية واسعة النطاق مثل إجلاء السكان، وتغطية، وتناول اليود المستقر، مع امتداد الآثار لمئات الكيلومترات. وقد حصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على وعد من إسرائيل بضمان سلامة العمال الروس في المحطة   

على الرغم من الظروف الصعبة، لا يزال مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية موجودين في إيران، ومستعدين للانتشار عند الإمكان، على الرغم من تقليل عدد الموظفين بسبب الوضع الأمني. ومن المقرر أن تستمر عمليات التفتيش بموجب اتفاق الضمانات النووية الإيراني فور سماح الظروف الأمنية بذلك. وأكد غروسي أن مخزونات اليورانيوم الإيرانية، بما في ذلك أكثر من 400 كجم مخصب بنسبة 60%، لا تزال تحت الضمانات.   

على الرغم من أن الضربات الأمريكية-الإسرائيلية استهدفت منشآت تخصيب وليست مفاعلات طاقة عاملة (باستثناء أراك غير العامل)، فإن تحذيرات غروسي المتكررة بشأن بوشهر تسلط الضوء على خطر “الحوادث” أو “الضربات غير المقصودة” التي قد تؤدي إلى كارثة إشعاعية. هذا الخطر يرفع من مستوى الرهانات بشكل كبير، ليس فقط على الأطراف المتحاربة ولكن على المنطقة بأسرها والعالم. إنه يجعل أي تصعيد مستقبلي محفوفاً بمخاطر لا يمكن السيطرة عليها، ويزيد من الضغط على الدبلوماسية لمنع مثل هذه الكارثة. كما أنه يثير تساؤلات حول مسؤولية الأطراف المتحاربة في حماية البنية التحتية النووية المدنية في أوقات النزاع.  

على الرغم من وجود مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران ، فإن تقاريرهم عن الأضرار لا تزال تعتمد على معلومات محدودة، كما يتضح من عدم معرفتهم بضرب فوردو قبل إعلان ترامب. هذا يشير إلى أن قدرة الوكالة على توفير “ضمانات ذات مصداقية” تتأثر بشدة بالظروف الأمنية وتقييد الوصول. هذا يضعف الثقة في قدرة المجتمع الدولي على مراقبة البرامج النووية في مناطق النزاع، مما قد يؤدي إلى تفاقم الشكوك وتبرير المزيد من الإجراءات العسكرية الوقائية. كما أنه يسلط الضوء على الحاجة الملحة لآليات أقوى للمراقبة والتحقق في أوقات الأزمات، وربما إعادة تقييم دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مثل هذه السيناريوهات.   

ردود الفعل الدولية والإقليمية: إدانة ودعوات لضبط النفس

شهدت الساحة الدولية والإقليمية موجة من ردود الفعل المتباينة، تراوحت بين الإدانة والدعوات الملحة لضبط النفس، عقب تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وانضمام الولايات المتحدة إلى الضربات على المواقع النووية الإيرانية.

على صعيد الأمم المتحدة، دعا الأمين العام أنطونيو غوتيريش إلى “أقصى درجات ضبط النفس” لتجنب “الانزلاق إلى صراع أعمق”. وأدان أي تصعيد عسكري في الشرق الأوسط، معرباً عن قلقه بشكل خاص من الهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، خاصة وأنها تزامنت مع استمرار المحادثات بين إيران والولايات المتحدة. وقد عقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة بناءً على طلب إيران وبدعم من روسيا والصين لمناقشة هذا التطور الخطير. من جانبها، كررت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) على لسان مديرها العام رافائيل غروسي أن المنشآت النووية “يجب ألا تُهاجم أبداً”، ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس.   

وفي حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أكد الأمين العام مارك روته أنه “من الأهمية بمكان” لحلفاء إسرائيل، بما في ذلك الولايات المتحدة، العمل على تهدئة التوترات. ووصف روته الهجوم الإسرائيلي بأنه “عمل أحادي الجانب” من قبل إسرائيل، مشيراً إلى أن الوضع يتطور بسرعة.   

قبل إعلان ترامب عن الضربات الأمريكية المباشرة، صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأن الولايات المتحدة “ليست متورطة في الضربات ضد إيران” وأن إسرائيل أبلغت واشنطن بأنها تعتقد أن الضربات ضرورية للدفاع عن النفس. وحذر روبيو طهران من استهداف المصالح أو الأفراد الأمريكيين.   

أما على الصعيد الإقليمي، فقد كانت ردود الفعل واضحة:

  • العراق: أدان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني “العدوان العسكري الإسرائيلي” على إيران، معتبراً أنه ينتهك القانون الدولي ويهدد الأمن العالمي. وقد قدم العراق لاحقاً شكوى إلى مجلس الأمن الدولي بشأن “انتهاك المجال الجوي العراقي”.  
  • عمان: أدانت مسقط الهجمات الإسرائيلية باعتبارها “تصعيداً خطيراً ومتهوراً” ينتهك مبادئ القانون الدولي، وحملت إسرائيل المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد وعواقبه.  

المملكة العربية السعودية: أدانت الرياض “الاعتداءات الإسرائيلية الصارخة” ضد إيران، معتبرة أنها تقوض سيادتها وأمنها وتشكل انتهاكاً واضحاً للقوانين والأعراف الدولية، وتهدد أمن واستقرار المنطقة. ودعت المملكة إلى الوقف الفوري للعمليات العسكرية والعودة إلى مسار المفاوضات. وتجدر الإشارة إلى أن الرياض سارعت إلى الوقوف علناً إلى جانب طهران بعد الهجوم الإسرائيلي الأولي، خاصة بعد تطبيع العلاقات بين البلدين مؤخراً.

 

بعد إعلان الضربات الأمريكية المباشرة، جاءت ردود فعل السياسيين الأمريكيين كالتالي:

  • تأييد جمهوري وديمقراطي: أشاد العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، مثل ليندسي غراهام وجون كورنين وكاتي بريت وماركواين مولين، بقرار ترامب، واصفين إياه بـ”القرار الشجاع” و”القوي والجراحي”. كما أشاد السيناتور الديمقراطي جون فيترمان بالهجمات، مؤكداً أن إيران “راعية الإرهاب الأولى في العالم ولا يمكن أن تمتلك قدرات نووية”.  
  • معارضة جمهورية: انتقد النائب الجمهوري توماس ماسي (كنتاكي)، وهو معارض قديم للتدخل الأمريكي في الحروب الخارجية، قرار ترامب، قائلاً: “هذا ليس دستورياً”. 

    إن إدانة السعودية والعراق وعمان للضربات الإسرائيلية قبل انضمام الولايات المتحدة، ثم إعلان السعودية عن إدانة “الاعتداءات الإسرائيلية الصارخة” بعد الضربات الأمريكية، يشير إلى أن هذه الدول ترى في العمل الإسرائيلي (وبالتالي الأمريكي) انتهاكاً للسيادة الإيرانية والقانون الدولي، بغض النظر عن مخاوفها من برنامج إيران النووي. تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية مؤخراً يعزز هذا الموقف الإقليمي المناهض للتصعيد العسكري. هذا يبرز تعقيد المشهد الإقليمي، حيث لا تتوافق جميع الدول العربية بالضرورة مع الرؤية الأمريكية-الإسرائيلية لـ”التهديد الإيراني”. إن الإدانات الإقليمية قد تزيد من عزلة الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، وربما تدفع إيران إلى تعزيز تحالفاتها الإقليمية المضادة. كما أنها تسلط الضوء على أن أي حل للصراع يجب أن يأخذ في الاعتبار مصالح ومخاوف جميع الأطراف الإقليمية، وليس فقط الأطراف المتحاربة.   

إن الضربات الأمريكية المباشرة على المواقع النووية الإيرانية تزيد بشكل كبير من خطر اندلاع صراع إقليمي أوسع نطاقاً. وقد تعهدت إيران بالانتقام إذا انضمت الولايات المتحدة إلى الهجوم الإسرائيلي. وحذر المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي من أن الضربات التي تستهدف الجمهورية الإسلامية “ستؤدي إلى أضرار لا يمكن إصلاحها لهم”. كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي بأن “أي تدخل أمريكي سيكون وصفة لحرب شاملة في المنطقة” ، بينما قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن التدخل العسكري الأمريكي “سيكون خطيراً جداً جداً على الجميع”. وفي ظل هذه التهديدات، تستعد إسرائيل لاحتمال حرب طويلة الأمد.   

على صعيد مستقبل الدبلوماسية والاستقرار الإقليمي، عبر المسؤولون الأوروبيون عن أملهم في مفاوضات مستقبلية، وأبدى وزير الخارجية الإيراني انفتاحه على مزيد من الحوار، لكنه أكد أن طهران ليس لديها مصلحة في التفاوض مع الولايات المتحدة بينما تواصل إسرائيل الهجوم. وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن “الحل الدبلوماسي في متناول اليد إذا توفرت الإرادة السياسية اللازمة”، وأن الوكالة يمكنها أن تضمن “من خلال نظام تفتيش محكم” عدم تطوير أسلحة نووية في إيران. لكن البديل هو “صراع طويل الأمد وتهديد وشيك للانتشار النووي”.   

إن التهديدات الإيرانية بالانتقام ووصف التدخل الأمريكي بأنه “وصفة لحرب شاملة” ليست مجرد تصريحات، بل تعكس خطورة الوضع. أي رد إيراني كبير، سواء كان مباشراً أو عبر وكلاء، يمكن أن يجر المنطقة إلى صراع أوسع بكثير من مجرد ضربات جوية، مما يؤثر على ممرات الشحن الحيوية (مثل مضيق هرمز) وأسعار النفط العالمية، ويزيد من الأزمة الإنسانية في المنطقة. هذه الحرب الشاملة ستكون لها تداعيات اقتصادية عالمية هائلة، وتدفقات هائلة من اللاجئين، وتأثيرات بيئية مدمرة. إنها تضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لقدرته على منع كارثة إقليمية وعالمية، وتبرز أهمية الدبلوماسية الفورية والفعالة.  

انسحاب ترامب من الاتفاق النووي ثم اللجوء إلى القوة العسكرية بعد محاولات دبلوماسية فاشلة يرسل رسالة مفادها أن الاتفاقيات الدولية قد تكون هشة، وأن القوة العسكرية هي الملاذ الأخير (أو حتى الأول) لحل الخلافات. هذا يقلل من الثقة في المسارات الدبلوماسية المستقبلية، ويجعل من الصعب على الأطراف التوصل إلى تسويات طويلة الأمد. هذا الوضع قد يؤدي إلى “مفارقة أمنية” حيث تسعى كل دولة في المنطقة إلى تعزيز قدراتها العسكرية، مما يزيد من عدم الاستقرار بدلاً من تقليله. كما أنه يضعف دور المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في حل النزاعات، مما يفتح الباب أمام مزيد من الأعمال الأحادية.   

تُعد الضربات الأمريكية-الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية محاولة لفرض “خط أحمر” على قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية. ومع ذلك، فإن حقيقة أن إيران وصلت إلى مستويات تخصيب عالية (60%) وتحدت المراقبة الدولية قبل هذه الضربات، تشير إلى أن الخطوط الحمراء السابقة لم تكن كافية. هذا يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الضربات ستكون كافية لردع إيران بشكل دائم، أم أنها ستدفعها إلى اتخاذ إجراءات أكثر تطرفاً (مثل الانسحاب من NPT وتطوير سلاح نووي سري). إنها تعيد تعريف مفهوم “الردع” في سياق الانتشار النووي، وقد تؤدي إلى سباق تسلح نووي إقليمي إذا ما سعت دول أخرى لامتلاك قدرات مماثلة لضمان أمنها. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !