رأت مجلة ”الإيكونوميست“ البريطانية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يحاول استثمار الاحتجاجات المتفجرة في بلاده ضد العنصرية وعنف الشرطة لتعزيز حظوظه بالفوز بولاية ثانية.
وقالت المجلة في تقرير نشرته اليوم الأحد تحت عنوان ”عنف الشرطة والعرق والتظاهرات في أمريكا“ إنه ”عادة ما ينتصر الخوف على المثالية، ويبدو أن ترامب يريد استغلال الفرصة، فقد شجّع أنصاره على الاصطدام بالمحتجين خارج البيت الأبيض، ويتطلع لنشر قوات إضافة إلى الحرس الوطني للسيطرة على ما يصفها البعض بأرض المعركة، وساعد القانون والنظام الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في التغلب على منافسه هيوبرت همفري عام 1968، فهل يمكن أن ينجح ذلك مرة أخرى؟“.
وطرحت المجلة تساؤلات حول مستقبل الحركة الاحتجاجية المشتعلة في الولايات المتحدة حالياً، على خلفية وفاة المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد، على يد شرطي أمريكي في مدينة مينيابوليس، وتساءلت هل ستنجح الاحتجاجات في المدن الأمريكية أم سيتراجع منظموها عن القضية التي يدافعون عنها“.
وأضافت المجلة أن ”النيران تشتعل هذه المرة لنفس الأسباب التي أدت إلى نفس المشهد عدة مرات في الماضي، وهي أن العديد من الأمريكيين الأفارقة يعيشون في مناطق تضم أسوأ مدارس وأسوأ رعاية صحية، وأسوأ وظائف، القوانين يتم تطبيقها بصورة مختلفة على المواطنين السود، الحقيقة أيضًا أن السود كانوا القطاع الأكبر الذي عانى من جائحة كورونا، الشرطة تضغط على الأحياء الفقيرة حتى وهي تحمي مناطق الأغنياء، وبالفعل انطلقت الأصوات التي تنتمي إلى هذا الحشد، ويجب سماعه الآن“.
وأردفت أن ”دائرة غياب العدالة والاحتجاج والشغب، ورد الفعل المحافظ حدثت في العديد من المناسبات منذ عام 1968، بالتالي، فإنه سيكون من السهل استخلاص أن مشكلة عنف الشرطة والاضطهاد العرقي من الصعب حلها في أمريكا، هذا التشاؤم لا مبرر له، كما أنه يؤدي إلى نتائج عكسية“.
وتابعت أنه ”عادة ما يلقي النشطاء بالاتهامات على نظام العدالة الجنائية برمّته بأنه عنصري، اتحادات الشرطة تحمي أعضاءها، حتى العفنة منها، في الأيام القليلة الماضية دهست سيارة شرطة بعض المحتجين، وقام رجال الشرطة بالاعتداء على الناس في الشارع، لكن النظام يتكون من آلاف السلطات القضائية وأقسام الشرطة، وهؤلاء ليسوا متشابهين على الإطلاق“.
واعتبرت المجلة أن ”العمل الشرطي في أمريكا أمر صعب للغاية، لأن الولايات المتحدة أكثر عنفاً من أي دولة ثرية أخرى، كما أن مواطنيها أكثر قدرة في الحصول على الأسلحة، هناك 50 شرطيًا يلقى مصرعه خلال ممارسة عمله سنوياً، لكن التراجع المستمر في معدلات الجريمة خلال العقود الثلاث الماضية أفسح المجال نحو عدم الإفراط في تطبيق القانون بعنف، وتدريب الضباط على نزع فتيل المواجهات وعدم السعي إليها، وإخضاعهم للمحاسبة عندما يستخدمون العنف“.
وأشارت ”الإيكونوميست“ إلى أنه ”في حالة انزلاق الاحتجاجات إلى شغب مستمر، كما حدث في 1968 بعد اغتيال مارتن لوثر كينغ، فإن الأضرار ستعم على جميع الأحياء التي يقيم فيها الأمريكيون الأفارقة، ربما تنسحب الشرطة، ما سيؤدي إلى ارتفاع الجريمة، وهو ما يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى ممارسات شرطية أكثر عنفاً، هذه الجروح ستستمر لفترات طويلة“.
وأوضحت أنه ”على الجانب الآخر، فإن القادة السود في الولايات المتحدة يقولون للمتظاهرين ألا يلحقوا الضرر بقضيتهم، حيث قالت عمدة أتلانتا كيشا لاند بوتومز، إن التظاهر له غرض، وأدانت التخريب في ولايتها، وخلال الأيام القليلة الماضية انتبه المتظاهرون، وحاولوا كبح جماح هؤلاء الراغبين في إشعال النار، بعضهم من المشاغبين ذوي البشرة البيضاء“.
ونوهت إلى أن ”القادة السود يتفهمون أن أعمال الشغب يمكن أن تدمر القضية السياسية، عندما تشتعل الأحياء فإن باقي الدولة تركز على إطفاء النيران، الاعتداء على رجال الشرطة خلال أعمال الشغب ربما يدفع الناخبين نحو نسيان التعاطف مع بداية الأحداث، وعندما تتوقف أعمال الشغب، فإن هؤلاء الذين يؤيدون الاحتجاجات ربما يجدون أن مطالبهم من أجل التغيير سيكون من الأفضل بالنسبة لهم أن تهدأ الأوضاع كي تجد فرصة لمناقشتها ومحاولة فرضها“.