الولايات المتحدةهجرة ولجوء

الخارجية الأمريكية تعلن عن خطوات جديدة لتشديد التدقيق على تأشيرات الهجرة

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن خطوة جديدة لتشديد تدقيق طلبات تأشيرات الهجرة، وذلك من خلال مقترح لتعديل نموذج الطلب الإلكتروني DS-260 (Application for Immigrant Visa and Alien Registration – طلب تأشيرة الهجرة وتسجيل الأجنبي)، بحيث يُطلب من المتقدمين تقديم سجل مفصل لرحلاتهم إلى أي دولة أخرى (غير الولايات المتحدة) خلال السنوات الخمس عشرة الماضية بدلًا من خمس سنوات فقط.

ما هو نموذج DS-260 وما مصير النموذج الورقي DS-230؟

نموذج DS-260 هو الاستمارة الإلكترونية الأساسية التي يستخدمها ضباط القنصليات الأمريكية حول العالم لجمع المعلومات اللازمة لتقييم أهلية المتقدمين للحصول على تأشيرة هجرة إلى الولايات المتحدة. يُقدَّم هذا النموذج عبر الإنترنت من خلال نظام الطلبات القنصلية الإلكتروني، ويحل تدريجيًا محل النموذج الورقي القديم DS-230 الذي أعلنت وزارة الخارجية أنها ستتوقف عن تجديده والعمل به اعتبارًا من ١ نوفمبر ٢٠٢٥.

هذا يعني أن أي شخص يسعى للحصول على تأشيرة هجرة مستقبلًا – سواء عبر لمّ الشمل الأسري، أو الهجرة العائلية، أو قرعة الهجرة (Diversity Visa) – سيكون عليه التعامل مع النموذج الإلكتروني فقط، مع متطلبات معلومات أكثر تفصيلًا مما كان معمولًا به من قبل.

تفصيل جديد: تاريخ السفر خلال 15 عامًا بدلًا من 5

أحد أبرز التغييرات المقترحة هو تعديل سؤال «تاريخ السفر» في النموذج. فبدلًا من السؤال الحالي الذي يطلب من المتقدم ذكر سفرياته خلال السنوات الخمس الماضية، سيطالب الإصدار الجديد من DS-260 المتقدمين بذكر جميع رحلاتهم إلى أي دولة أو إقليم غير الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس عشرة الماضية.

الهدف المعلن من هذا التعديل هو تعزيز التدقيق الأمني والتحقق من تنقلات المتقدمين بصورة أوسع، في إطار ما تسميه السلطات الأمريكية «الفحص المعزز» (Enhanced Vetting)، أي التحقق الأمني المتقدم الذي يعتمد على تتبع أنماط السفر والإقامة واكتشاف أي تناقض أو محاولة لإخفاء وجهات أو فترات معينة من التاريخ الشخصي.

تعديلات أخرى: نوايا الهجرة وأحكام اللجوء السابقة

التعديل المقترح لا يقتصر على تاريخ السفر فقط، بل يشمل أيضًا أسئلة أخرى حساسة. فبدلًا من سؤال عام عن ما إذا كان أحد أفراد الأسرة «يهاجر» إلى الولايات المتحدة، سيُعاد صياغة السؤال ليصبح أكثر دقة، بحيث يُسأل المتقدم عمّا إذا كان أحد أفراد عائلته «يتقدم بطلب للحصول على تأشيرة هجرة أمريكية» (applying for a U.S. immigrant visa)، ما يربط السؤال مباشرة بالإجراءات القنصلية الرسمية.

كما سيتم تعديل سؤال أمني يتعلق بما إذا كان قد تم اعتبار طلب لجوء سابق للمتقدم «تافهًا» أو «كيديًا» (Frivolous Asylum Application). وبدلًا من الإشارة إلى أن هذا التحديد يصدر عن «وزير الأمن الداخلي»، سيُعدل النص ليشير صراحة إلى أن الجهة التي تصدر هذا القرار هي «قاضي الهجرة أو مجلس استئناف قضايا الهجرة» (Immigration Judge or Board of Immigration Appeals)، وهي الجهة القضائية المتخصصة في نزاعات الهجرة.

صعوبة تذكّر العناوين ورفض خيار “غير معروف”

خلال فترة التعليقات العامة التي استمرت ٦٠ يومًا وانتهت في ٨ سبتمبر ٢٠٢٥، قدّمت رابطة محامي الهجرة الأمريكيين (AILA – American Immigration Lawyers Association) وجهات أخرى عدة ملاحظات، منها أن بعض المتقدمين، خصوصًا كبار السن، يواجهون صعوبة حقيقية في تذكّر عناوين سكنهم السابقة بالتفصيل لفترات طويلة.

واقترح بعض المعلقين إضافة خيار «غير معروف» (Unknown) في خانة العناوين السابقة، لكن وزارة الخارجية رفضت تنفيذ هذا الاقتراح في الوقت الحالي، موضحة أن بيانات العناوين لا تُستخدم فقط لإثبات الحصول على «شهادات خلو سوابق من الشرطة»، بل تُستخدم أيضًا في مكافحة الاحتيال والتحقق الأمني، وبالتالي فإن السماح بخيار «غير معروف» قد يضعف أدوات التدقيق الأمني.

مع ذلك، أشارت الوزارة إلى أنها ستعيد فتح النقاش مع الجهات الأمنية وشركاء «التدقيق» في المستقبل، لدراسة ما إذا كان من الممكن إضافة هذا الخيار لاحقًا دون الإضرار بالمصالح الأمنية للولايات المتحدة.

مشكلات تقنية ومقترحات مؤجلة للتحديث الشامل

عدد من المعلقين طالب أيضًا بتبسيط لغة الأسئلة الأمنية في النموذج، ومعالجة مشكلات تقنية يواجهها المتقدمون مثل انقطاع الجلسة (Timeout) أو أخطاء تسجيل الدخول أثناء ملء النموذج، بالإضافة إلى تحسين صياغة صفحة التوقيع والإقرار النهائي قبل الإرسال.

وزارة الخارجية ردت بأن هذه المقترحات «أكثر تعقيدًا» وتتطلب مشروع تطوير تقني كبير للنظام الإلكتروني، لذلك تم تأجيلها إلى عملية «تحديث شامل» للنظام في مرحلة لاحقة، مع التركيز في هذه المرحلة على التعديلات الأكثر إلحاحًا التي تسمح بتجديد الموافقة على جمع المعلومات (Information Collection Renewal) وفق متطلبات مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض (Office of Management and Budget – OMB).

الشفافية المالية وحماية البيانات الطبية (eMedical)

الإشعار أوضح أيضًا بعض النقاط المتعلقة بالتكاليف والشفافية المالية. فقد ذكرت وزارة الخارجية أن التكلفة الإجمالية السنوية على الحكومة الفدرالية لمعالجة نموذج DS-260 تصل إلى نحو ٩٤ مليون دولار، نافية رقمًا مبالغًا فيه وصل إلى ١٥٦ مليار دولار ذكره أحد المعلقين. وأوضحت أن رسوم القنصلية المفروضة على المتقدمين تم تصميمها لتغطية التكلفة بالكامل (Full Cost Recovery)، بحيث لا يتحمّل دافعو الضرائب الأمريكيون أي عبء مالي إضافي.

وفيما يتعلّق بالبيانات الطبية، أعلنت الوزارة إضافة فقرة جديدة بعنوان «إفصاح وموافقة الفحص الطبي» (Medical Examination Disclosure and Consent) لتوضيح كيفية تعامل النظام الإلكتروني الطبي المعروف باسم eMedical مع بيانات الفحوصات. وأكدت أن دور وزارة الشؤون الداخلية الأسترالية (Australian Department of Home Affairs – ADHA)، التي تدعم النظام تقنيًا، يقتصر على تقديم الدعم الفني، وأن اطلاعها على السجلات الطبية يكون محدودًا ومقيدًا، ولا يُستخدم إلا لمساعدة الحكومة الأمريكية والأطباء المعتمدين في تشغيل النظام.

ماذا يعني ذلك عمليًا للمتقدمين العرب لتأشيرات الهجرة؟

هذه التعديلات لا تزال في مرحلة «الإشعار وجمع التعليقات» ضمن السجل الفدرالي الأمريكي (Federal Register)، مع فتح فترة تعليق عام أخيرة لمدة ٣٠ يومًا تنتهي في ١٩ ديسمبر ٢٠٢٥ قبل رفع النموذج بصيغته النهائية للموافقة. لكن الاتجاه واضح: المزيد من الأسئلة التفصيلية عن حياة المتقدم وتاريخه وسفره وعناوينه.

بالنسبة للمتقدمين العرب لتأشيرات الهجرة، يعني هذا المقترح ضرورة الاستعداد مبكرًا بتجميع معلومات دقيقة عن السفر خلال ١٥ عامًا، بما في ذلك تواريخ الدخول والخروج قدر الإمكان، والاحتفاظ بأي جوازات سفر قديمة أو حجوزات أو مستندات تساعد في تذكّر هذه التفاصيل. كما أن أي تناقض بين ما يُكتب في نموذج DS-260 وما يظهر في سجلات السفر أو المقابلة القنصلية قد يُستخدم كعامل سلبي في تقييم الطلب.

في الوقت نفسه، تؤكد وزارة الخارجية أن الهدف هو تعزيز الأمن ومنع الاحتيال، وليس تعقيد حياة المتقدمين النظاميين. لكن عمليًا، سيحتاج المتقدمون – خصوصًا من لديهم تاريخ سفر طويل أو تنقلات كثيرة بين دول مختلفة – إلى وقت وجهد أكبر لجمع البيانات المطلوبة والتأكد من دقتها قبل الضغط على زر «إرسال».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !