في شهادة صادمة تسلط الضوء على الجانب الإنساني المظلم لنظام الهجرة الأمريكي، روت المواطنة الكندية جاسمين موني تفاصيل محنتها المروعة بعد أن احتجزتها وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) لمدة أسبوعين، في تجربة وصفتها بأنها «أشبه بالاختطاف». وقد بدأت قصتها، التي لا تحمل أي شبهة جنائية، في مكتب للهجرة في سان دييغو، وانتهت في زنازين باردة ومظلمة، كاشفة عن نظام بيروقراطي قاسٍ وغير إنساني.
كانت موني، وهي ممثلة وسيدة أعمال في مجال الصحة، قد حصلت على تأشيرة عمل للانتقال إلى الولايات المتحدة. ولكن في زيارة روتينية لمكتب الهجرة، انقلبت حياتها رأساً على عقب. فبدون سابق إنذار أو تفسير، أُمرت بوضع يديها على الحائط، وتم تفتيشها «كالمجرمين»، ثم أُرسلت إلى مركز احتجاز تابع لـ ICE دون أن تُمنح فرصة للتحدث إلى محامٍ.
ظروف احتجاز لا إنسانية
وصفت موني بالتفصيل الظروف القاسية التي تعرضت لها. في البداية، وُضعت في «زنزانة أسمنتية صغيرة ومتجمدة» مع خمس نساء أخريات، ولم تُعطَ سوى ورقة من رقائق الألومنيوم كـ«بطانية». كانت الأضواء الفلورية الساطعة مضاءة على مدار 24 ساعة، مما أفقدها الإحساس بالوقت. وقالت إن الرد على جميع أسئلتها حول سبب احتجازها أو مدته كان دائماً: «لا أعرف».
وبعد يومين، تم نقلها إلى مركز احتجاز أوتاي ميسا، حيث قيل لها إنها قد تبقى هناك «لأيام أو أسابيع أو حتى أشهر». ثم تم نقلها مرة أخرى، هذه المرة إلى مركز احتجاز في أريزونا، في رحلة استمرت 24 ساعة على متن حافلة سجن، وهي مكبلة بالسلاسل حول خصرها ويديها وقدميها. ووصفت الظروف في أريزونا بأنها أسوأ، حيث كانت الغرفة شديدة البرودة، ولم يكن هناك وسائد، وكان على ثلاثين امرأة استخدام نفس الكوب والملعقة البلاستيكية لكل وجبة. وقالت: «كل شيء كان مصمماً لكسرنا».
بيروقراطية لا ترحم وتضامن إنساني
لم تكن قصة موني فريدة من نوعها. ففي الداخل، التقت بعشرات النساء الأخريات من جميع أنحاء العالم، لكل منهن قصة مأساوية. كان هناك قسيسة تم احتجازها مع زوجها، وعائلة عاشت بشكل قانوني في الولايات المتحدة لمدة 11 عاماً، وفتاة من الهند تجاوزت مدة تأشيرتها الطلابية بثلاثة أيام فقط. وكان القاسم المشترك بينهن هو الشعور بالضياع في متاهة بيروقراطية لا نهاية لها، حيث تم احتجازهن جميعاً دون سابق إنذار وواجهن مستقبلاً غامضاً.
وعلى الرغم من قسوة الظروف، وجدت موني لحظات من التضامن الإنساني. فقد شكلت النساء روابط قوية، وشاركن الطعام، وقدمن الدعم النفسي لبعضهن البعض. وفي إحدى الليالي، دعتها القسيسة إلى خدمة دينية، حيث صلّت النساء من أجل عائلاتهن وأطفالهن، ثم شكلن دائرة حول موني وصلّين من أجلها، في لحظة وصفتها بأنها «تجربة غامرة من الحب والطاقة والرحمة من الغرباء».
دور الإعلام و«تجارة الاحتجاز»
لم يتم إطلاق سراح موني إلا بعد أن تمكنت من إرسال بريد إلكتروني إلى رئيسها التنفيذي، الذي قام بدوره بالتواصل مع أصدقائها، والذين قرروا اللجوء إلى وسائل الإعلام. وبمجرد أن بدأت قصتها في الانتشار، تم إبلاغها بالإفراج عنها. وعند إطلاق سراحها، زعمت ICE أنها كان بإمكانها المغادرة في وقت أقرب لو أنها وقعت على استمارة سحب، وأنهم لم يكونوا يعلمون أنها ستدفع ثمن تذكرة طيرانها، وهو ما نفته موني بشدة، قائلة إنها توسلت إلى كل ضابط للسماح لها بدفع ثمن تذكرتها منذ لحظة وصولها.
وتختتم موني شهادتها بالإشارة إلى ما اكتشفته: أن احتجاز المهاجرين هو «تجارة مربحة». فالعديد من مرافق الاحتجاز مملوكة لشركات خاصة مثل «كور سيفيك» و«جيو جروب»، التي تجني أرباحاً من عدد المحتجزين لديها، وبالتالي ليس لديها حافز للإفراج عنهم بسرعة. وقالت إن قصتها هي واحدة من آلاف القصص العالقة في «نظام يربح من المعاناة»، معربة عن أملها في أن يتمكن شخص ما في موقع السلطة من إحداث تغيير.