وصلت الولايات المتحدة إلى حافة إغلاق حكومي وشيك بعد فشل المفاوضات في اللحظات الأخيرة بين البيت الأبيض والكونغرس.
هذا الحدث، الذي أصبح متكرراً في السياسة الأمريكية، له أسباب عميقة وتداعيات واسعة تؤثر على حياة المواطنين اليومية
والاقتصاد العالمي. فيما يلي شرح مفصل ومبسط للأزمة.
أولاً: لماذا يحدث الإغلاق الحكومي؟ الأسباب بالتفصيل
يكمن السبب المباشر لأي إغلاق حكومي في فشل الكونغرس في إقرار قوانين الإنفاق اللازمة لتمويل الوكالات والمؤسسات الفيدرالية قبل انتهاء السنة المالية.
لكن خلف هذا الفشل الإجرائي، يوجد صراع سياسي وإيديولوجي عميق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول أولويات الإنفاق ودور الحكومة.
موقف الحزب الجمهوري
يسعى الجمهوريون، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، إلى تمرير مشروع قانون ضخم يهدف إلى ترسيخ أجندتهم السياسية.
تتضمن أولوياتهم جعل التخفيضات الضريبية التي أقرت في ولاية ترامب الأولى دائمة، وفي المقابل، إجراء تخفيضات كبيرة في الإنفاق الاجتماعي.
النقطة الأكثر جدلاً هي خطتهم لخفض تمويل برنامج ميديكيد (Medicaid) بنحو 800 مليار دولار، وفرض شروط عمل جديدة على المستفيدين منه.
لتجنب الإغلاق الفوري، اقترح الجمهوريون تمرير مشروع قانون تمويل مؤقت قصير الأجل، لتأجيل المعارك السياسية الكبرى إلى وقت لاحق.
موقف الحزب الديمقراطي
يرفض الديمقراطيون بشدة مقترحات الجمهوريين، معتبرين إياها هجوماً على شبكة الأمان الاجتماعي.
هدفهم الأساسي هو حماية المكتسبات الصحية، وعلى رأسها قانون الرعاية الصحية الميسرة (أوباما كير) وبرنامج ميديكيد.
يطالب الديمقراطيون بتمديد الإعفاءات الضريبية التي تساعد ملايين الأمريكيين على تحمل تكاليف التأمين الصحي، والتي من المقرر أن تنتهي هذا العام.
لقد اختاروا استخدام مشروع قانون الإنفاق كورقة ضغط لإجبار الجمهوريين على التفاوض حول هذه الأولويات، رافضين مشروع القانون الجمهوري الذي وصفوه بأنه
“لا يتضمن ذرة من المساهمة الديمقراطية”.
انهيار المفاوضات
انهارت المفاوضات النهائية في البيت الأبيض بين الرئيس ترامب وقادة الديمقراطيين دون إحراز أي تقدم.
وسرعان ما تحول الأمر إلى تبادل للاتهامات، حيث ألقى ترامب باللوم على الديمقراطيين واصفاً إياهم بـ “المجانين”،
بينما اتهم الديمقراطيون الرئيس برفض التفاوض الجاد.
ثانياً: كيف سيؤثر الإغلاق على حياتك اليومية؟ النتائج المحتملة بالتفصيل
الموظفون الفيدراليون
- إجازات إجبارية: سيتم إرسال حوالي 850 ألف موظف في إجازة إجبارية غير مدفوعة الأجر.
- العمل بدون أجر فوري: سيضطر 420 ألف موظف “أساسي” إلى مواصلة العمل دون الحصول على رواتبهم في مواعيدها.
- تهديد جديد بالفصل: وجهت إدارة ترامب الوكالات للاستعداد لعمليات فصل واسعة وربما دائمة للموظفين.
الخدمات الحكومية
- خدمات ستتوقف:
- السياحة والترفيه: إغلاق المتنزهات الوطنية والمتاحف والنصب التذكارية.
- الخدمات المالية والإدارية: توقف استجابة IRS، وتأخير جوازات السفر والتأشيرات، وتوقف قروض الشركات الصغيرة.
- الصحة والبحث العلمي: تعليق التجارب السريرية الجديدة في المعاهد الوطنية للصحة.
- خدمات ستستمر ولكن قد تتأثر:
- السفر الجوي: استمرار عمل مراقبي الحركة الجوية وTSA لكن بدون أجر فوري مما قد يسبب تأخيرات.
- الأمن والبريد: استمرار العمليات العسكرية وخدمات البريد.
- المنافع الاجتماعية: استمرار إرسال شيكات الضمان الاجتماعي ومدفوعات ميديكير.
الاقتصاد والأسواق المالية
- تعتيم على البيانات: توقف نشر بيانات التوظيف والتضخم مما يربك الأسواق.
- خسائر اقتصادية: كل أسبوع من الإغلاق يقلص نمو الناتج المحلي بنسبة 0.1% وقد يكلف الاقتصاد مليارات.
- تقلبات الأسواق: زيادة الاضطراب المالي، ضعف الدولار، وارتفاع أسعار الذهب.
ثالثاً: الخلفية والسياق.. هل هذا أمر جديد؟
- تاريخ من الإغلاقات: هذا هو الإغلاق الخامس عشر منذ عام 1981، وأصبح أداة سياسية متكررة.
- مقارنة مع الماضي: أطول إغلاق حدث في عهد ترامب عام 2018-2019 واستمر 35 يوماً وكلف الاقتصاد 11 مليار دولار.
- تصعيد خطير: التهديد بفصل دائم للموظفين يجعل الأزمة الحالية أكثر خطورة.
- تآكل الثقة العالمية: كل إغلاق يضعف سمعة الولايات المتحدة الاقتصادية ويدفع المستثمرين للبحث عن بدائل.