الولايات المتحدة

الطريق مُراقب: كيف حولت «دورية الحدود» الطرق الأمريكية إلى شبكة تجسس ذكية

كشف تحقيق استقصائي موسع أجرته وكالة “أسوشيتد برس” اليوم عن تفاصيل برنامج سري للمراقبة تديره وكالة الجمارك وحماية الحدود (CBP)، والذي يتجاوز بكثير مهام حماية الحدود الجغرافية للولايات المتحدة. التحقيق أظهر أن الوكالة تقوم بمراقبة ملايين السائقين الأمريكيين يومياً عبر شبكة معقدة من قارئات لوحات السيارات (ALPRs) وكاميرات المراقبة، مستخدمة خوارزميات ذكاء اصطناعي لتحديد “أنماط السفر المشبوهة”.

الجانب الأكثر إثارة للقلق في هذا البرنامج هو نطاقه الجغرافي وآلية عمله. فالبرنامج لا يقتصر على المنطقة الحدودية (100 ميل من الحدود)، بل يمتد إلى عمق الولايات الأمريكية، مستفيداً من بيانات يتم شراؤها من شركات خاصة أو مشاركتها مع أجهزة شرطة محلية. تقوم الخوارزميات بتحليل مسار السيارة: من أين انطلقت؟ أين توقفت؟ وما هي الطرق التي سلكتها؟ إذا طابق المسار “نمطاً مشبوهاً” (مثل القيادة في طرق فرعية نائية، أو استخدام سيارة مستأجرة لرحلة قصيرة نحو الحدود)، يتم وضع “علم” (Flag) على المركبة.

بمجرد تحديد المركبة، يتم إخطار الدوريات المحلية لإيقاف السائق تحت أي ذريعة مرورية بسيطة، مثل تعطل ضوء خلفي، أو عدم استخدام إشارة الانعطاف، أو حتى وجود معطر جو يتدلى من المرآة (وهي مخالفة في بعض الولايات). الهدف الحقيقي للتوقيف ليس المخالفة المرورية، بل إخضاع السائق والركاب لاستجواب وتفتيش بحثاً عن مخدرات أو مهاجرين غير شرعيين، وغالباً دون أن يعلم السائق أنه كان مستهدفاً مسبقاً.

خبراء القانون الدستوري يرون في هذا البرنامج انتهاكاً صارخاً للتعديل الرابع للدستور الذي يحمي من التفتيش غير المبرر، حيث يتم التعامل مع جميع السائقين كمشتبه بهم محتملين حتى تثبت براءتهم. بالنسبة للمهاجرين والأقليات، يعني هذا النظام أن مجرد التنقل اليومي قد يعرضهم لخطر التوقيف والترحيل بناءً على خوارزمية لا تعرف الرحمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: كف عن نسخ محتوى الموقع ونشره دون نسبه لنا !