أكّدت المرحلة الأخيرة من عملية الاقتراع في الولايات المتحدة، ما كشفت عنه استطلاعات الرأي طوال الأسابيع الماضية، أي تقدُّم المرشّح الديموقراطي جو بايدن. إذ أظهرت استطلاعات رباعيّة أجرتها صحيفة “نيويورك تايمز” بالاشتراك مع كلية “سيينا”، والتي صدرت نتائجها صباح أمس، أن بايدن حقّق تقدُّماً في ولايات أريزونا وبنسلفانيا وفلوريدا وويسكونسن، يكفي لمنحه فوزاً سهلاً.
وبيّن استطلاع “دي موين ريجستر” (DMR) الذي أجرته آن سيلتزر مساء السبت، تراجع نائب الرئيس السابق بـ 7 نقاط مئوية في ولاية آيوا، فيما أظهر استطلاع “إيه بي سي” الإخبارية فوز دونالد ترامب مرّتين في فلوريدا، وتراجعه بسبع نقاط في بنسلفانيا.
على العموم، كانت رسالة استطلاعات الرأي واضحة: يخسر ترامب الانتخابات، بما في ذلك الولايات المتأرجحة الرئيسة بهامش ليس ضئيلاً. هذا لا يعني بأي حال من الأحوال غياب احتمال فوز الرئيس الحالي، وخصوصاً أن أخطاءً كبيرة يمكن أن تحدث على هامش الاقتراع، إلا أن المراهنة على الأخطاء لترجيح كفة ترامب، مع هذا الفارق لمصلحة بايدن، يُعدُّ شبه مستحيل.
جاءت نتائج أحدث استطلاعات الرأي (مساء أمس الأحد) على الشكل الآتي:
أريزونا: بايدن 49، ترامب 43 (نيويورك تايمز/ سيينا)
فلوريدا: بايدن 47، ترامب 44 (نيويورك تايمز/ سيينا)
بنسلفانيا: بايدن 49، ترامب 43 (نيويورك تايمز/ سيينا)
ويسكونسن: بايدن 52، ترامب 41 (نيويورك تايمز/ سيينا)
آيوا: بايدن 41، ترامب 48 (DMR / Selzer)
بنسلفانيا: بايدن 51، ترامب 44 (واشنطن بوست/ إيه بي سي)
فلوريدا: بايدن 48، ترامب 50 (واشنطن بوست/ إيه بي سي)
وعليه، فإن تقدُّم بايدن بـ 6 نقاط مئوية في ولاية أريزونا يعطيه طريقاً احتياطياً لتحقيق النصر، إذا فشل في ولاية بنسلفانيا. وعلى رغم أن حملة بايدن ستصاب بخيبة أمل لخسارة ولاية آيوا بعدما بدت النتائج قريبة هناك في العديد من الاستطلاعات الأخرى، فإن هذه النتيجة ببساطة ليست جيدة كما تبدو ظاهرياً لترامب. إذ فاز هذه الأخير بولاية آيوا بنسبة 9 نقاط مئوية قبل عامين، وإذا خسر نقطتين مئويتين من الدعم في ساحات القتال الشماليّة، فسوف يخسر الانتخابات.
ولاية آيوا، بأصواتها الستة في الهيئة الانتخابية، ليست جائزة كبيرة لأيّ من المرشَّحَين. ولكن ما يهم استطلاع آيوا هو السباق على مجلس الشيوخ، حيث تبدو جهود تيريزا غرينفيلد لإزاحة جوني إرنست أسوأ مما كانت عليه قبل شهر في سباق قد يقرّر ما إذا كان الديموقراطيون أو الجمهوريون سيسيطرون على المجلس.
في المقابل، فإن استطلاع “إيه بي سي/ واشنطن بوست”، والذي يحمل أخباراً جيدة لترامب، يمنحه الفوز بفلوريدا بهامش أكبر قليلاً ممّا كان عليه في عام 2016. انطلاقاً من هنا، لا يمكن فوز ترامب إلا بخطأ تاريخي.
كانت هيلاري كلينتون تتقدّم استطلاعات الرأي في عام 2016، لكنها خسرت الانتخابات، ما وجّه ضربة لثقة الجمهور في منظِّمي الاستطلاعات والتنبؤ. لكن الكثير من الثقة المفرطة بتقدُّم كلينتون حينها، جاءت من مواقع توقّعت أن احتمالات فوزها بنسبة 90% أو أكثر، كانت مبنية على نماذج سيئة وليس على تصويت سيئ. تحدّث أخطاء صغيرة في استطلاعات الرأي طوال الوقت (في الواقع ، لقد حدثت في عام 2012، ولا يذكر أحد أن أوباما فاز بنسبة أقل من المتوقع)، ومن غير المحتمل أن يخسر مرشح بنسبة 2 أو 3 نقاط مئوية.
مع ذلك، تراجع ترامب بمقدار 6 أو 7 نقاط مئوية في ولاية بنسلفانيا، وبنسب أقل في ولايتَي كارولاينا الشمالية وأريزونا، يشير إلى أن أخطاء الاستطلاع ستكون مرتبطة جزئياً بأخطاء في بنسلفانيا. لا يعني أي من هذا أن إمكان فوزه مستحيل، لكن إذا حصل سينطوي على خطأ أكبر في الاقتراع مقارنة بالانتخابات السابقة، وسيثير تساؤلات حول ما إذا كان في إمكان مستطلعي الرأي العام الرئيسيين إجراء استطلاعات موثوقة على الإطلاق بعد الآن.