تستأثر حملة الانتخابات الرئاسية الامريكية لهذا العام باهتمام بالغ ومتابعة حثيثة عبر العالم بسبب عدد من العوامل والظروف المصاحبة لها، والتي ستكون لها مضاعفات على السياسات الداخلية والخارجية لواشنطن، أيا كان الفائز، وتجري هذه الانتخابات على خلفية انتشار وباء كوفيد-19 عبر الولايات الأمريكية منذ مارس/ آذار الماضي حتى ولج البيت الأبيض، فأصاب الرئيس وعقيلته وابنهما علاوة عن عشرين على الأقل من موظفي البيت الأبيض.
وتحول تفشي الفيروس وما أسفر عنه من وفيات بلغ عددها حتى اليوم 214.000 وثمانية ملايين إصابة، وطريقة معالجة إدارة ترامب للوضع، إلى أزمة سياسية واقتصادية احتلت صدارة القضايا التي تم استغلالها في الحملة الانتخابية، فالمرشح الديمقراطي جو بايدن وظفها مطية لانتقاد خصمه والتشهير به واعتباره رئيسا فاشلا عاجزا عن اتخاذ إجراءات فعالة لحماية مواطني بلده من الفيروس، فيما ظل ترامب يردد أن الأزمة الصحية تحت السيطرة نافيا أن تكون البلاد في قبضة فيروس مميت رغم الدلائل العلمية والطبية القاطعة التي تفند أقواله.
وعلى بعد تسعة عشر يوما من يوم الاقتراع يخوض المرشحان حملة انتخابية مريرة من أجل الفوز بمفاتيح البيت الأبيض. وعلى عكس كل التوقعات تمكن الرئيس ترامب من مغادرة المستشفى الذي كان يعالج فيه من وباء كورونا واستأنف حملته بنشاط متجدد ضد خصمه الديمقراطي جو بايدن، الذي لا يزال متفوقا عليه في استطلاعات الرأي بشكل منتظم.
في هذه الظروف ينشغل الرئيس ترامب في كل تجمعاته الخطابية بمهاجمة غريمه الديمقراطي، ووصف حزبه بالاشتراكي وأعضائه بالشيوعيين في محاولة لدغدغة المشاعر الوطنية لليمين المتطرف والانجيليين واستمالة المترددين، سعيا وراء نفورهم من المرشح الديمقراطي جو بايدن الذي تغلب على خطاباته الانتخابية لهجة التحذير من انتشار الشعور العنصري بين البيض ضد السود في البلاد، بايعاز من الرئيس كما يردد الديمقراطيون، منبها إلى ان أربع سنوات أخرى من ترامب في البيت الأبيض ستعود بكارثة سياسية لا عهد للأمريكيين بها.
وفي مجال السياسة الخارجية يختلف برنامجا المرشحين بشأن التعامل مع الحلفاء وقضايا التغير المناخي والشرق الأوسط.
فبشأن حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط عرف عن الرئيس ترامب دعمه لحكام عرب يرى منتقدوهم أنهم مستبدون بالسلطة، ومهاجمته لحلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، وعدم اقتناعه بالأخطار التي يشكلها التغير المناخي على مستقبل البيئة والأرض وبني الانسان.
ويأمل بايدن في حال فوزه الى إعادة ترتيب أولويات العلاقات الخارجية لبلاده والعودة الى عضوية منظمة الصحة العالمية وقيادة مكافحة العالم لفيروس كورونا وترميم صورة أمريكا التي تدعم الممارسات الديمقراطية، وليس الأنظمة الاستبدادية عبر العالم.
ويقول بايدن إنه سيجعل من مكافحة التغير المناخي والعودة الى حضن الاجماع الدولي حول هذه القضية ضمن أولويات ولايته الرئاسية، وبالنسبة للعلاقات مع ايران أكد بايدن أنه، في حال فوزه، سينضم من جديد الى الاتفاق الموقع مع طهران بشأن برنامجها النووي.
ولعل أكبر تغيير سيطرأ على السياسة الخارجية الأمريكية في حال فوز بايدن، هو موقفها من الحرب في اليمن. إذ يعتزم المرشح الديمقراطي وقف دعم بلاده للحرب التي تخوضها السعودية في اليمن ويعارضها عدد كبير من أعضاء الكونغرس.
وبخصوص الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لن يتغير الدعم الأمريكي القوي لإسرائيل، لكنه من غير المرجح أن يتبنى بايدن سياسات ترامب المؤيدة لضم إسرائيل لأراضي فلسطينية محتلة في الضفة الغربية.
لكن في ظل انتشار وباء كورونا واستمراره في حصد الأرواح بات الآن في حكم المؤكد أن طريقة التعامل مع الفيروس وتداعياته الاقتصادية، قد تشكل المعيار الذي سيعتمده الناخبون الى حد كبير لحسم خيارهم بين الرئيس الجمهوري وخصمه الديمقراطي.