شهدت الولايات المتحدة مواجهة قضائية جديدة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والقضاء الفيدرالي، بعدما أصدر القاضي جيمس إي. بوازبرغ، رئيس المحكمة الفيدرالية لمقاطعة كولومبيا، حكمًا بوقف ترحيل مهاجرين فنزويليين، ما دفع ترامب إلى المطالبة بعزله.
وكانت إدارة ترامب قد أرسلت ثلاثة طائرات تقل 238 مهاجرًا فنزويليًا إلى السلفادور خلال عطلة نهاية الأسبوع، رغم صدور أمر من القاضي بوازبرغ بإيقاف عمليات الترحيل وإعادة الطائرات.
قانون من القرن الثامن عشر لإبعاد المهاجرين
وقع ترامب أمرًا تنفيذيًا يستند إلى “قانون الأعداء الأجانب” الصادر عام 1798، والذي يمنح الرئيس سلطة ترحيل مواطني أي دولة في حالة حرب مع الولايات المتحدة أو تخضع لتهديد أمني. واستند ترامب في قراره إلى اتهام هؤلاء المهاجرين بأنهم أعضاء في عصابة “ترين دي أراخوا” الفنزويلية، التي وصفها بأنها تشن “حربًا غير نظامية” ضد الأراضي الأمريكية بتوجيه مباشر أو غير مباشر من الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وزارة العدل ترفض الامتثال للقاضي
تصاعد التوتر بين السلطتين التنفيذية والقضائية يوم الاثنين، حيث رفض محامو وزارة العدل الأمريكية الإجابة عن أسئلة القاضي بوازبرغ حول تفاصيل رحلات الترحيل، كما طالبوا بتنحيه عن القضية، معتبرين أن الرئيس يتمتع “بسلطة مطلقة” في إبعاد المهاجرين دون تدخل القضاء.
وزاد التصعيد مع نشر ترامب منشورًا على منصته “تروث سوشيال” طالب فيه بعزل القاضي بوازبرغ، في خطوة أثارت ردود فعل قانونية، كان أبرزها انتقاد رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، الذي أصدر بيانًا أكد فيه أن “الإقالة ليست الوسيلة المناسبة للاعتراض على قرارات قضائية”.
من هو القاضي بوازبرغ؟
يعتبر القاضي جيمس إي. بوازبرغ من الشخصيات البارزة في الساحة القضائية الأمريكية. وُلد ونشأ في واشنطن العاصمة، ودرس القانون في جامعة ييل حيث كان زميلًا لسامويل أليتو وبريت كافانو، الأخير أصبح لاحقًا قاضيًا في المحكمة العليا.
تم تعيينه لأول مرة في القضاء عام 2002 بقرار من الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، ثم رشحه الرئيس باراك أوباما عام 2011 للمحكمة الفيدرالية في واشنطن، حيث أصبح رئيسًا لها عام 2023.
قرارات سابقة مثيرة للجدل
سبق للقاضي بوازبرغ إصدار أحكام بارزة، أبرزها:
- أمره عام 2016 لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بنشر نحو 15 ألف رسالة بريد إلكتروني تعود لهيلاري كلينتون، لكنه في المقابل رفض دعاوى لإجبار الخارجية الأمريكية على الإفصاح عن مزيد من مراسلاتها.
- في 2020، اتخذ قرارًا يمنع عملاء مكتب التحقيقات الذين تورطوا في مراقبة مستشار ترامب السابق كارتر بيج من إصدار أوامر تنصت أمنية جديدة.
- ترأس محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية، التي تشرف على منح أوامر التنصت على الأفراد المشتبه بتورطهم في أنشطة تجسس.
ماذا بعد؟
حددت المحكمة يوم الأربعاء كموعد نهائي لتقديم وزارة العدل تقريرًا سريًا حول تفاصيل رحلات الترحيل، في حين من المقرر عقد جلسة استماع يوم الجمعة لمناقشة أبعاد القضية.
في المقابل، تعهدت إدارة ترامب، على لسان منسق شؤون الحدود توم هومان، بالمضي قدمًا في عمليات الترحيل “بغض النظر عن الأحكام القضائية”.
أما في الكونغرس، فقد قدم النائب الجمهوري براندون جيل من تكساس مشروعًا لعزل القاضي بوازبرغ، متهمًا إياه “بتجاوز سلطاته والتدخل في صلاحيات الرئيس”، مما يفتح الباب أمام مواجهة جديدة بين البيت الأبيض والقضاء الأمريكي.