دخلت تغييرات جذرية حيز التنفيذ على برنامج “ميديكيد” (Medicaid)، شبكة الأمان الصحي الحيوية لملايين الأمريكيين من ذوي الدخل المحدود، وذلك كجزء من قانون تسوية الميزانية الفيدرالية لعام 2025. وتتضمن هذه التغييرات، التي طالما كانت هدفاً للمحافظين، فرض شروط عمل على العديد من المستفيدين البالغين، وزيادة وتيرة التحقق من الأهلية، مما يثير مخاوف جدية من أن يفقد ملايين الأشخاص تأمينهم الصحي.
ويأتي هذا الإصلاح الشامل في وقت حساس، حيث لا يزال العديد من الأسر يكافح للتعافي من التداعيات الاقتصادية، مما يجعل الوصول إلى الرعاية الصحية أمراً أكثر أهمية من أي وقت مضى.
ما هو برنامج “ميديكيد”؟
للقراء، وخاصة المهاجرين الجدد، من المهم فهم الدور المركزي الذي يلعبه “ميديكيد”. هو برنامج صحي فيدرالي وحكومي مشترك يوفر تغطية صحية مجانية أو منخفضة التكلفة لملايين الأمريكيين، بما في ذلك البالغين من ذوي الدخل المحدود، والأطفال، والنساء الحوامل، وكبار السن، والأشخاص ذوي الإعاقة. يمثل البرنامج حجر الزاوية في شبكة الأمان الاجتماعي في الولايات المتحدة، ويعتمد عليه أكثر من 80 مليون شخص للحصول على الرعاية الطبية الأساسية.
أبرز التغييرات في القانون الجديد
يعيد القانون الجديد هيكلة جوانب أساسية من البرنامج، مما يجعل الحصول على التغطية والحفاظ عليها أكثر صعوبة:
- فرض شروط العمل: يُلزم القانون الجديد الولايات بفرض شروط عمل على البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و 64 عاماً والمشمولين بتوسيع “ميديكيد” بموجب قانون الرعاية الميسرة (ACA). يجب على هؤلاء الأفراد إثبات أنهم يعملون أو يشاركون في “أنشطة مؤهلة” (مثل التدريب المهني أو التطوع) لمدة 80 ساعة على الأقل شهرياً. هناك بعض الإعفاءات، مثل الآباء الذين لديهم أطفال صغار، والأشخاص الذين يعانون من ضعف طبي، والمشاركين في برامج علاج الإدمان.
- فحوصات أهلية أكثر تكراراً: بدلاً من التحقق من أهلية المستفيدين مرة واحدة كل 12 شهراً، يُلزم القانون الولايات الآن بإجراء هذه المراجعات كل 6 أشهر للبالغين المشمولين بتوسيع “ميديكيد”. هذا الإجراء يزيد من العبء الإداري على المستفيدين والولايات، ويرفع من احتمال فقدان التغطية بسبب أخطاء إجرائية أو عدم تقديم الأوراق في الوقت المحدد.
التأثير المتوقع: ملايين سيفقدون تغطيتهم
تثير هذه التغييرات قلقاً بالغاً لدى المدافعين عن الرعاية الصحية. فمن المتوقع أن تؤدي شروط العمل إلى حرمان العديد من الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في العثور على عمل مستقر، أو الذين يعملون في وظائف غير رسمية، أو يعانون من ظروف صحية غير مشخصة، من تغطيتهم الصحية. كما أن زيادة وتيرة التحقق من الأهلية ستؤدي حتماً إلى ما يعرف بـ “الفوضى الإجرائية”، حيث يفقد الأشخاص المؤهلون تغطيتهم ليس لأنهم لم يعودوا مؤهلين، بل لأنهم لم يتمكنوا من استكمال الإجراءات الإدارية المعقدة في الوقت المناسب.
وقد قدر مكتب الميزانية في الكونغرس (CBO)، وهو هيئة غير حزبية، أن هذه الأحكام ستؤدي إلى انخفاض الإنفاق الفيدرالي على “ميديكيد” بمئات المليارات من الدولارات، ولكن على حساب زيادة عدد غير المؤمن عليهم بملايين الأشخاص. على سبيل المثال، من المتوقع أن تؤدي شروط العمل وحدها إلى زيادة عدد غير المؤمن عليهم بـ 5.3 مليون شخص بحلول عام 2034.
بالنسبة للمجتمعات العربية والمهاجرة، التي يعمل الكثير من أفرادها في وظائف منخفضة الأجر أو غير مستقرة، فإن هذه التغييرات تشكل تهديداً مباشراً. فالكثيرون قد يجدون صعوبة في تلبية متطلبات العمل أو التنقل عبر النظام البيروقراطي المعقد، مما قد يتركهم وعائلاتهم بدون حماية صحية في أوقات هم في أمس الحاجة إليها.